ذلك ، لان لفظ الامر اذا كان اسما ل (أفعل) وكان (افعل) معنى لفظ الامر فلا يكون معناه حينئذ معنى مصدريا حدثيا حتى يصح الاشتقاق منه نظير لفظ الامر اذا كان بمعنى الشيء وهو غير قابل للاشتقاق ، فكذا ما نحن فيه. والحال ان الظاهر ان المشتقات المذكورة بالمعنى الاصطلاحي تشتق منه ، ولا يكون اشتقاقها من لفظ الامر بمعنى آخر ظاهرا. فهذا الاتفاق ينافي هذه المشتقات قطعا ، فلا بد من ان نلتزم باحد امرين : اما ان يكون الاشتقاق من لفظ الامر بغير معناه الاصطلاحي المتفق عليه ، واما ان نمنع الاتفاق.
قوله : فتدبر وهو اشارة الى انه يمكن تصحيح دعوى الاتفاق المذكور والالتزام بكون مبدإ اشتقاق المشتقات هو لفظ الامر بمعنى آخر غير القول المخصوص.
قوله : ويمكن ان يكون مرادهم به هو الطلب بالقول لا نفسه ... الخ ويمكن ان يجمع بين الاتفاق المذكور وبين كون لفظ الامر بمعناه الاصطلاحي المتفق عليه مبدأ للاشتقاق بهذا النحو وهو ان مراد العلماء كون لفظ الامر حقيقة في الطلب بالقول لا في نفس القول المخصوص حتى لا يكون قابلا للاشتقاق ، لان القول المخصوص جامد لا يصلح للاشتقاق فاذا كان لفظ الامر حقيقة في الطلب بالقول المخصوص فيكون الطلب معنى حدثيا مصدريا قابلا للاشتقاق.
فلذا اشتق منه (أمر يأمر آمر مأمور أمرت و ...) فان قيل : ان وجه تعبير العلماء من الطلب بالقول الذي هو معنى حقيقي للفظ الامر بنفس القول وقالوا ان الامر حقيقة في القول المخصوص ، فيستفاد منه ان مدلول الامر هو القول المخصوص لا الطلب المصدري ، قلنا أنه بلحاظ دلالة صيغة الامر على الطلب يعني اطلقوا اسم المدلول وهو الطلب مسامحة على الدالّ ، وهو القول المخصوص ، لمناسبة بين الدال والمدلول ، وهي عبارة عن اندكاك المدلول في الدالّ ، لان الطلب بالقول الذي هو مدلول لفظ الامر يندك في القول المخصوص.
اذا علم ما ذكرنا فنقول ان المراد من المعنى الآخر الذي ذكر سابقا في وجه