لفظ الامر على الوجوب بلا قرينة.
والثالث : قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم لبريرة بعد قولها أتأمرني يا رسول الله : «لا بل انما شافع» خلاصة الكلام في قصة بريرة ، هي ان بريرة كانت أمة لعائشة بنت أبي بكر وزوجها كان عبدا ثم اعتقتها عائشة فمتى علمت بريرة بخيارها في نكاحها بعد العتق ارادت مفارقة زوجها ، فاشتكى الزوج الى النبي الاكرم ، فقال صلىاللهعليهوآلهوسلم لبريرة (ارجعي الى زوجك فانه ابو ولدك وله عليك منة) فقالت : يا رسول الله أتأمرني بذلك؟ فقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : «لا بل انما انا شافع» بتقريب ان نفيه صلىاللهعليهوآلهوسلم للامر دليل على كونه للوجوب ، ولذا قالت بريرة له : أتأمرني يا رسول الله بذلك ، اذ لو لم تكن دلالة الامر على الوجوب مركوزة في الاذهان لم يكن وجه وسبب لسؤالها منه. هذا لكن فيه ان الاستعمال اعم من الحقيقة والمجاز هذا اولا.
وثانيا : ان الوجوب انما يستفاد من لفظ الامر هنا بسبب القرينة ، ولاجل هذا جعله مؤيدا لا دليلا ، فان قلت : اي قرينة تدل على الوجوب وعلى استعمال لفظ (تأمرني) في الوجوب؟ قلنا : ان القرينة هي مقابلة الامر بالشفاعة ، لانها تستعمل في صورة رجحان الأمر والفعل والترك.
قوله : الى غير ذلك اي الى غير ذلك من موارد استعمال مادة الامر في الكتاب والسنة التي يتبادر منها الوجوب نحو قوله تعالى : (أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللهَ) اي وجبت عليّ طاعة الله وعبادته ، ونحو قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «انا مأمور بالتبليغ» اي وجب عليّ البلاغ وغيرهما.
الدليل الثاني للمصنّف قدسسره :
قوله : وصحة الاحتجاج على العبد ومؤاخذته بمجرد مخالفة امره ... الخ ثم ذكر المصنف قدسسره الدليل الثاني بعد التبادر وتقريبه صحة الاحتجاج على العبد وصحة توبيخه على مجرد مخالفة الامر وهو قوله تعالى : (ما مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ) فلو لم يكن الأمر للوجوب لما توجه الذم على إبليس بمجرد مخالفة