تكن الارادة في التكليف لزم خلو التكليف عن الارادة ، وكلاهما فاسد.
واما الدفع فهو ان الارادة على قسمين : الاول : تكويني. والثاني : تشريعي فالتكويني هو العلم بالنظام على النحو الاكمل ، والتشريعي هو العلم بالمصلحة في فعل المكلف فلا يجوز خلوّ التكليف عن التشريعي الذي ليس علة للاشياء ، ويجوز فيه تخلف المراد عن الارادة ، ولا يلزم في التكليف التكويني الذي هو علة للاشياء ، ولا يجوز فيه تخلف المراد عن الارادة فيلزم في التكليف الارادة في التشريعي دون التكويني.
فاذا توافقت الارادتان التكوينية والتشريعية فلا بد من الطاعة والايمان اذ الارادة التكوينية لا تختلف عن المراد ، واذا تخالفتا ، اي اذا تعلقت الارادة التكوينية بالعصيان والطغيان ، وتعلقت الارادة التشريعية بالطاعة والايمان ، فلا محيص عن ان يختار الكفر والعصيان شبهة جبر ، في هذا المقام.
قوله : ان قلت اذا كان الكفر والعصيان والطاعة والايمان بارادته تعالى لا تكاد تختلف عن المراد فلا يصح ان يتعلق بها التكليف ... الخ ويتوهم الإشكال من كلام سابق وهو ان الطاعة والعصيان والايمان والكفر اذا تعلقت بها الارادة التكوينية فالتكليف بالاطاعة والايمان غير ممكن ، كما ان النهي عن الكفر والعصيان لا يمكن ايضا لانها حينئذ خارجة عن الاختيار المعتبر في التكليف عقلا ، اذ بلحاظ تلك الارادة بها واجبة وجودا أو عدما فلا يصح التكليف بها عقلا.
فاللازم باطل فالملزوم مثله. اما بيان الملازمة فواضح لاستحالة تخلف المراد عن الارادة التكوينية ، فبالنتيجة لا يصح تعلق الارادة التشريعية بها لخروجها عن الاختيار.
قلنا : انما تتعلق الارادة التكوينية بوجودها الاختياري لا بوجودها مطلقا ، فتعلق الارادة التكوينية بوجودها الاختياري لا يضر باختياريتها ، لان الفعل الاختياري ما كان مسبوقا بارادة شخص ، وهذه الافعال مسبوقة بالارادة وان لم تكن هذه الافعال اختيارية. والحال ان ارادة الله تعالى قد تعلقت بالفعل الاختياري