للعبد ، فلزم تخلف ارادته عن مراده ، تعالى عن ذلك علوا كبيرا ، وتخلّف العلة عن معلولها.
قوله : ان قلت ان الكفر والعصيان من الكافر والعاصي ولو كانا مسبوقين بارادتهما ... الخ فاذا كان الكفر والعصيان مسبوقين بالارادة ولا يكونان كيد المرتعش التي لا تكون بالاختيار اصلا ، فارادة العبد لهما وان كانت هي المؤثرة فيهما ، إلّا انهما ترجعان بالنهاية الى الشيء الذي هو خارج عن الاختيار لانهما ممكنتان وكل ممكن لا بد ان ينتهي الى واجب الوجود بالذات ، وإلّا يلزم الدور أو التسلسل. فارادة المؤمن الطاعة والايمان ، واردة الكافر الكفر والعصيان لا بد من ان تكون لعلة توجب التفاوت في ارادة المؤمن والكافر ، وإلّا فان كانا في جميع الذاتيات والعوارض وما له دخل في هذه الافعال مثلين فيستحيل ان يختار احدهما الطاعة والايمان والآخر الكفر والعصيان والعلة التي توجب تفاوت ارادة المؤمن والكافر هي الارادة التكوينية لا غير.
غاية الامر : فانتهت هذه الافعال الى الواجب لان ارادته التكوينية عين ذاته المقدسة ومع تعلق ارادة الباري بها لا تصح المؤاخذة على ما لا يكون بالاختيار بل يكون بالنهاية بلا اختيار.
قوله : قلت ان العقاب انما يستتبعه الكفر والعصيان التابعان للاختيار الناشئ عن مقدماته الناشئة عن شقاوتهما الذاتية ... الخ العقاب انما يكون على الكفر والعصيان الناشئين عن ارادة شخص الكافر والعاصي ولكن سبب هذه الارادة وعلتها هو شقاوة ذاتي شخص الكافر والعاصي وخبث سريرتها ، فاذا انتهى سبب الفعل الى الذاتي وهو لا يعلل فلا يكون موقع ل (لم وبم) وانقطع السؤال رأسا بانه لم جعل السعيد سعيدا في بطن أمه؟ فان السعيد سعيد بنفسه والشقي شقي بنفسه وفي بطن أمه كما في الخبر النبوي : (الناس معادن كمعادن الذهب والفضة السعيد سعيد في بطن أمه والشقي شقي في بطن أمه) وانما اوجدهما ، نعم يبقى سؤال آخر وهو انه لم يكون ذات الكافر والعاصي بهذا النحو الذي يكون مقتضيا للكفر والعصيان وذات