الاصول وقواعدها لا تحرير مسائل الكلام والاعتقاد لا سيما القضاء والقدر الذي لا تدركه العقول ولا تسعه الافهام. وكل شيء اذا انحرف عن مسيره يقع في ورطة وفي معرض الحوادث ، ولذا قال المصنف قدسسره هنا هذا الكلام المذكور على ما قيل.
قوله : وهم ودفع لعلك تقول اذا كانت الارادة التشريعية منه ... الخ اعترض هنا ثالثا بانه اذا كانت الارادة والطلب متحدين فالارادة التشريعية للباري جلّ وعلا تكون بمعنى العلم بالصلاح في فعل المكلف كما مرّ فيلزم في الخطابات الشرعية التي ينشأ فيها الطلب والارادة ايضا أن ينشأ العلم بالمصلحة ، لان ارادة الباري عزّ اسمه تكون علما بالصلاح في فعل المكلف.
والحال انه من الواضح ان العلم غير قابل للانشاء ، لانه من الصفات الواقعية والانشاء يتعلق بالامور الاعتبارية لا بالامور الواقعية ، لا سيما في علم الباري ، لان علمه عين ذاته ، اذ هو صفة ذاتية لواجب الوجود ، فلا بد ان نقول بمغايرتهما ، فالمنشأ حينئذ هو مفهوم الطلب لا الارادة حتى لا يلزم انشاء العلم بالصلاح.
والمراد من الأمور الاعتبارية نحو الملكية والزوجية والحرية ونحوها التي لا يوجد في الخارج الا منشأ اعتبارها. ان الفرق بين الأمور الاعتبارية وبين الأمور الانتزاعية قد سبق في مبحث المشتق.
قوله : لكنك غفلت عن اتحاد الارادة مع العلم بالصلاح خارجا لا مفهوما ... الخ فاجيب عن هذا الإشكال بان المنشأ في الخطابات الشرعية هو مفهوم الطلب ، لا الطلب الخارجي ، والمتحد مع الارادة التشريعية التي هي العلم بالصلاح هو الطلب بحسب الخارج ، لا بحسب المفهوم.
وكذا الارادة ، كما ان صفات الباري عزّ اسمه متحدة مع ذات الباري في الخارج ، واما بحسب المفاهيم فهي متغايرة مع مفهوم واجب الوجود لذاته. كما ان مفهوم بعضها مغاير لمفهوم بعضها الآخر.
فبالنتيجة ، فان استدلّ المستشكل بهذا القياس ، وهو المنشأ بالصيغة ، اي الامر أو النهي هو الطلب. والطلب هو الارادة بناء على اتحادهما مفهوما ومصداقا وانشاء ،