وجد في الخارج ، سواء كان من قبيل الافعال التوليدية كالاحراق والعتاق ونحوهما ، أم كان من قبيل الافعال الاختيارية المباشرية كالصلاة والحج والجهاد ونحوها ، لا بد له من علة الوجود. والحال ان العلة موصلة الى المعلول والسبب موصل الى المسبب. فاختصاص الوجوب بمقدمات الافعال التوليدية بلا مخصص وبلا وجه. وهذا الاعتراض وارد على المصنف قدسسره من قبل صاحب (الفصول).
فاجاب المصنف عنه بقوله : قلت نعم. وهو انا سلّمنا باستحالة وجود الممكن في الخارج بدون علة ، ولكن من جملة مقدمات الفعل الاختياري ارادته وخطوره في القلب. والارادة لا تصلح ان تكون متعلقة للتكليف وللأمر ، لان كل فعل اختياري مسبوق بالارادة. وأما الارادة لو كانت مسبوقة بارادة اخرى للزم التسلسل ، فلا بد ان تكون الارادة امرا غير اختياري لا يتعلق بها الأمر ، فلانه اذا تعلق بها فهي اختيارية وكل اختياري مسبوق بالارادة ، فننقل الكلام بالارادة السابقة التي هي مقدمة للمسبوقة فلا بد ان تكون واجبة غيرية متعلقة لأمر غيري فتحتاج الى الثالثة وهي الى الرابعة وهكذا حتى تنتهي الى ما لا نهاية له.
فاذن لا بد ان تكون الارادة امرا غير اختياري ، وكل امر غير اختياري لا يكون قابلا لأن يكون متعلقا للأمر النفسي ، ولا الامر الغيري ، اذ الامر ـ سواء كان نفسيا أم كان غيريا ـ لا يتعلق إلّا بالأمر الاختياري المقدور.
وعليه فالعلة التي تتركب من الارادة والمقتضي والشرط ليست واجبة فينحصر الوجوب بالمقدمة التي تكون علّة تامة لوجود ذي المقدمة بلا دخالة الارادة ، كمقدمات الافعال التوليدية.
واما العلّة التي تتركب من الارادة وغير الارادة من المقتضي والشرط ، كمقدمات الافعال المباشرية المقدورة الاختيارية فليست قابلة لان يتعلق بها الامر الغيري وليست واجبة ، اذ جميع اجزاء العلة ليست امرا اختياريا ، اذ الارادة تكون جزءها ، والحال انها امر غير اختياري كما ذكر.
ولا يخفى ان الحق كون الارادة امرا اختياريا مثل الافعال المباشرية وليس