والمقام من قبيل القسم الاول ، وهو الإتيان بالمأمور به بالامر الغيري. فلا يشترط في وجوب المقدمة ترتب ذيها عليها ، بل تجب لأجل عنوان التمكن من فعل ذي المقدمة بسبب فعلها ولسدّ باب عدم ذيها من ناحية المقدمة ، وهذه الجهة موجودة في جميع المقدمات سواء كانت موصلة أم كانت غير موصلة.
قوله : ان قلت كما يسقط الامر في تلك الأمور كذلك يسقط بما ليس بالمأمور به ... الخ فأشكل من جانب صاحب (الفصول) تأييدا لمرامه على المصنف بان مجرد سقوط الامر لا يدل على وجوب الفعل ، لان الامر كما يسقط بالاطاعة او بالعصيان او بارتفاع موضوع التكليف كما ذكر في نحو (غرق الميت) كذلك يمكن سقوط الامر في التوصليات بفعل الغير ـ أي غير المكلف ـ المأمور به مما يحصل به الغرض ، كفعل الغير او فعل المحرم ، كما اذا غسل الغير ثوب المكلف للصلاة او ركب الدابة المغصوبة وسار معها الى الحج.
وعليه ، فسقوط الامر الغيري بمجرد الإتيان بالمقدمة من دون انتظار لترتب ذي المقدمة مما يكشف عن كون المقدمة متعلقة للوجوب الغيري ، في حين ان الامر الغيري قد يسقط قبل الترتب حتى يردّ المصنف على صاحب (الفصول) انه لو كان الترتب معتبرا في وقوعها على صفة الوجوب لم يسقط وجوبها المتعلق بها من قبل ترتب ذيها ، فالترتيب ليس شرطا في وجوبها.
فبالنتيجة الفعل الحرام ، كركوب الدابة المغصوبة او غسل اللباس المتنجس بالماء المغصوب ، وفعل غير المكلف كغسل زيد ثوب بكر مثلا ، لا يكون مأمورا بهما بالامر الغيري المقدمي ، لان الاول غير مقدور للمكلف شرعا. والثاني غير مقدور له عقلا.
والحال ان الامر لا يتعلق إلّا بالمقدور فكذا فيما نحن فيه الذي أدّعي فيه سقوط الامر الغيري ، اذ من المحتمل ان يكون سقوطه لحصول الغرض من الامر الغيري ، ولا لاجل الإتيان بالمأمور به. فمجرد السقوط لا يدل على وجوب الفعل والعمل ، بل الوجوب الغيري يتعلق بالمقدمة التي يترتب عليها ذو المقدمة في