وفانيا فيه فناء الوجه في ذي الوجه ، وفناء العنوان في المعنون ينافي لحاظه وجها وعنوانا لمعنى آخر.
فحال لفظ الواحد حال قلنسوة واحدة ، لانه لا يمكن جعلها في آن واحد على رأسين بحيث تكون محيطة بتمامهما ، فكذا اللفظ الواحد لا يمكن جعله فانيا في الاثنين إلّا ان يكون اللاحظ أحول العينين وهو الذي يرى الواحد اثنين.
وبالجملة : يستحيل فناء اللفظ الواحد في كل واحد منهما في آن واحد على فرض كون اللاحظ واحدا في استعمال فارد لانه يستلزم الفناء وعدم الفناء ، اذ يلزم من فناء اللفظ في المعنى عدم فنائه في المعنى الآخر ، وهو محال ، اذ هو جمع بين المتنافيين ، بلا فرق بين المفرد والمثنى والجمع ، والمثبت والمنفي ، والحقيقة والمجاز.
عدم اعتبار قيد الوحدة :
قوله : فانقدح بذلك امتناع استعمال اللفظ مطلقا مفردا كان أو غيره في اكثر ... الخ ردّ المصنف بهذا قول صاحب المعالم قدسسره وقول سلطان العلماء قدسسره ، انه لو لا امتناعه عقلا لم يكن وجه الامتناع أخذ قيد الوحدة جزء للموضوع له كما قال به صاحب المعالم ، أو اخذه ظرفا للموضوع له كما قال به سلطان العلماء ، لان اللفظ وضع للمعنى مجردا عن الوحدة وعدمها ، فاعتبار قيد الوحدة في الموضوع له واضح المنع فتوقيفية وضع اللغات لا تقتضي منع الاستعمال في الاكثر إلّا اذا كانت الوحدة قيدا للوضع أو قيدا للموضوع له ، كما لا يخفى. وكلاهما باطل.
اعلم ان الوحدة تكون تارة قيدا للموضوع له ، واخرى قيد الاستعمال. بأن شرط واضع اللغات على المستعمل ان لا يستعمل اللفظ في المعنى الا في حال وحدته ، وثالثة قيدا للوضع بان تكون وحدة المعنى شرطا لتحقق الوضع.
وتفصيل هذه : ان كانت قيدا للموضوع له فلا بد ، حينئذ ، من اتباع الواضع فيه ، ولكن لم يثبت هذا قطعا اثباتا لا عقلا ولا نقلا.
وان كانت قيدا للاستعمال فلا يكون الدليل على وجوب اتباع الواضع فيه بعد