مواضع كثيرة من تفسيره ما أخذه أبو هريرة من كعب.
وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة : أنّ الله خلق آدم على صورته.
وهذا الكلام قد جاء في الإصحاح الأوّل من التوراة (العهد القديم) ونصّه هناك : «وخلق الله الإنسان على صورته ، على صورة الله خلقه» (١).
وروى مسلم عن أبي هريرة : أخذ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بيدي! فقال : خلق الله التربة يوم السبت ، وخلق فيها الجبال يوم الأحد ، وخلق الشجر يوم الاثنين ، وخلق المكروه يوم الثلاثاء ، وخلق النور يوم الأربعاء ، وبثّ فيها الدواب يوم الخميس ، وخلق آدم بعد العصر من يوم الجمعة. وقد روى هذا الحديث أحمد والنّسائي أيضا عن أبي هريرة.
قال البخاري وابن كثير وغيرهما : إن أبا هريرة قد تلقّى هذا الحديث عن كعب الأخبار ؛ لأنه يخالف نص القرآن في أنه خلق السماوات والأرض في سنة أيّام (٢).
قال أبو ريّة : وقد بلغ من دهاء كعب واستغلاله لسذاجة أبي هريرة وغفلته ، أن كان يلقّنه ما يريد بثّه في الدين الإسلامي من خرافات وترّهات ، حتى إذا رواها أبو هريرة عاد هو فصدق أبا هريرة ، وذلك ليؤكّد هذه الإسرائيليّات ، وليمكّن لها في عقول المسلمين ، كأنّ الخبر جاء عن أبي هريرة ، وهو في الحقيقة عن كعب
__________________
(١) قال أبو ريّة : من روايات هذا الحديث : وطول آدم ستون ذراعا. وقد انتقد هذا الحديث ابن حجر في شرح البخاري ، قال : ويشكل على هذا من الآن ، الآثار للأمم السالفة كديار عاد وثمود ، فإنّ مساكنهم تدلّ على أنّ فأماتهم لم تكن مفرطة في الطول ، على حسب ما يقتضيه الترتيب الذي ذكره أبو هريرة. وأنكر مالك هذا الحديث. (الأضواء ، ص ٢٠٨ ـ ٢٠٩ بالهامش)
(٢) الأضواء ، ص ٢٠٧ ـ ٢١٠.