كان طوله عشرة أذرع ، وله شعبتان تتقدان في الظلام ، إلى غير ذلك من تزيّدات بني إسرائيل. وليس في القرآن ما يدلّ على هذا الذي ذكروه في وصف الحجر ، مع أنه لو أريد بالحجر الجنس ، وأن يضرب أي حجر ما ؛ لكان أدل على القدرة ، وأظهر في الإعجاز.
وقد لاحظ ابن خلدون ـ من قبل ـ المغالط التي تدخل في مثل هذه المرويّات ، فقال في مقدّمته المشهورة :
اعلم أن فنّ التاريخ فنّ عزيز المذهب ، جم الفوائد ، شريف الغاية ؛ إذ هو يوقفنا على أحوال الماضين من الأمم في أخلاقهم ، والأنبياء في سيرهم ، والملوك في دولهم ، وسياستهم ، حتى تتمّ فائدة الاقتداء في ذلك لمن يرومه في أحوال الدين والدنيا ، فهو محتاج إلى مآخذ متعدّدة ، ومعارف متنوعة ، وحسن نظر وتثبّت ، يفضيان بصاحبهما إلى الحق ، وينكّبان به عن المزلّات والمغالط ؛ لأن الأخبار إذا اعتمد فيها على مجرّد النقل ، ولم تحكم أصول العادة ، وقواعد السياسة ، وطبيعة العمران ، والأحوال في الاجتماع الإنساني ، ولو قيس الغائب منها بالشاهد ، والحاضر بالذاهب ، فربّما لم يؤمن فيها من العثور ، ومزلّة القدم ، والحيد عن جادّة الصدق ، وكثيرا ما وقع للمؤرّخين ، والمفسّرين وأئمة النقل من المغالط في الحكايات ، والوقائع ؛ لاعتمادهم فيها على مجرّد النقل غثّا أو سمينا ، ولم يعرضوها على أصولها ، ولا قاسوها بأشباهها ، ولا سبروها بمعيار الحكمة ، والوقوف على طبائع الكائنات وتحكيم النظر والبصيرة في الأخبار ، فضلّوا عن الحق ، وتاهوا في بيداء الوهم والغلط ، ولا سيّما في إحصاء الأعداد من الأموال ، والعساكر إذا عرضت في الحكايات ؛ إذ هي مظنّة الكذب ومطيّة الهذر ، ولا بدّ من ردّها إلى الأصول ، وعرضها على القواعد. وهذا : كما نقل المسعودي وكثير من المؤرخين في جيوش بني إسرائيل ، وأن موسى أحصاهم في التيه ، بعد