المرفوع لا أصل له الإمام أبو عيسى الترمذي ، فقال بعد أن روى الروايات المرفوعة : «هذا حديث قد رواه أبو عاصم وغير واحد ، عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة ، عن خلاس عن عمار بن ياسر موقوفا ، ولا نعرفه مرفوعا إلّا من حديث الحسن بن قزعة» ، وبعد أن ذكر رواية موقوفة عن أبي هريرة ، قال : «وهذا أصح من حديث الحسن بن قزعة ، ولا نعرف للحديث المرفوع أصلا» (١).
وقد اختلفت المرويات في هذا ، فروى العوفي عن ابن عباس : أنها خوان عليه خبز وسمك ، يأكلون منه أينما نزلوا ، إذا شاءوا. وقال عكرمة عن ابن عباس : كانت المائدة سمكة ، وأريغفة (٢). وقال سعيد بن جبير عن ابن عباس : أنزل على المائدة كل شيء إلا الخبز واللحم.
وقال كعب الأحبار : نزلت المائدة تطير بها الملائكة بين السماء والأرض ، عليها كل الطعام إلّا اللحم.
وقال وهب بن منبّه : أنزلها من السماء على بني إسرائيل ، فكان ينزل عليهم في كل يوم في تلك المائدة من ثمار الجنة ، فأكلوا ما شاءوا من ضروب شتّى ، فكان يقعد عليها أربعة آلاف ، وإذا أكلوا أنزل الله مكان ذلك لمثلهم ، فلبثوا على ذلك ما شاء الله عزوجل.
وقال وهب أيضا : نزل عليهم أقرصة من شعير ، وأحوات (٣) ، وحشا الله بين أضعافهن البركة ، فكان قوم يأكلون ، ثم يخرجون ، ثم يجيء آخرون فيأكلون ، ثم يخرجون ، حتى أكل جميعهم ، وأفضلوا. وهكذا لم يتّفق الرواة على شيء ، مما
__________________
(١) سنن الترمذي ، ج ٤ ، ص ٣٢٥.
(٢) التصغير للتقليل هنا.
(٣) أحوات : جمع حوت ، في القاموس : الحوت : السمك ، جمعه : أحوات ، وحوتة ، وحيتان.