مُوسى صَعِقاً فَلَمَّا أَفاقَ قالَ سُبْحانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ)(١) ، فقد ذكر الثعلبي ، والبغوي ، وغيرهما عن وهب بن منبّه ، وابن إسحاق ، قالا :
«لما سأل موسى ربه الرؤية أرسل الله الدّوابّ ، والصواعق ، والظلمة ، والرعد ، والبرق وأحاط بالجبل الذي عليه موسى أربعة فراسخ من كل جانب ، وأمر الله ملائكة السماوات أن يعترضوا على موسى ، فمرّت به ملائكة السماء الدنيا كثيران (٢) البقر ، تنبع أفواههم بالتسبيح والتقديس بأصوات عظيمة كصوت الرعد الشديد ، ثم أمر الله ملائكة السماء الثانية أن اهبطوا على موسى ، فاعترضوا عليه. فهبطوا عليه أمثال الأسود ، لهم لجب (٣) بالتسبيح والتقديس ، ففزع العبد الضعيف (ابن عمران) مما رأى ، وسمع ، واقشعرت كل شعرة في رأسه وجسده ، ثم قال : لقد ندمت على مسألتي ، فهل ينجيني من مكاني الذي أنا فيه؟
فقال له خير الملائكة (٤) ورأسهم : يا موسى اصبر لما سألت ، فقليل من كثير ما رأيت ، ثم أمر ملائكة السماء الثالثة أن اهبطوا على موسى ، فاعترضوا عليه. فهبطوا أمثال النسور ، لهم قصف ، ورجف ، ولجب شديد ، وأفواههم تنبع بالتسبيح ، والتقديس كجلب الجيش العظيم ، ألوانهم كلهب النار. ففزع موسى ، واشتد فزعه ، وأيس من الحياة ، فقال له خير الملائكة : مكانك حتى ترى ما لا تصبر عليه.
ثم أمر الله ملائكة السماء الرابعة أن اهبطوا ، فاعترضوا على موسى بن عمران.
__________________
(١) الأعراف / ١٤٣.
(٢) جمع ثور ، وهذا من سوء أدب بني إسرائيل مع الملائكة.
(٣) اللجب : تزاحم الأصوات. ويقال لصهيل الفرس ايضا.
(٤) هو جبريل عليهالسلام.