كانَ فاحِشَةً وَساءَ سَبِيلاً)(١)!! ، ومن البديهي أن هذه الآيات بهذا اللفظ العربي لم تنزل على أحد قبل نبينا محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم وإن كان الذين افتروا هذا لا يعدمون جوابا ، بأن يقولوا : رأى ما يدل على معاني هذه الآيات بلغتهم التي يعرفونها ، بل قيل في البرهان : إنه أري تمثال الملك ، وهو العزيز ، وقيل : خياله (٢). وكل ذلك مرجعه إلى أخبار بني إسرائيل وأكاذيبهم التي افتجروها على الله ، وعلى رسله ، وحمله إلى بعض الصحابة والتابعين : كعب الأحبار ، ووهب بن منبّه ، وأمثالهما.
وليس أدل على هذا ، مما روي عن وهب بن منبّه قال : «لما خلا يوسف وامرأة العزيز ، خرجت كفّ بلا جسد بينهما ، مكتوب عليها بالعبرانية : (أَفَمَنْ هُوَ قائِمٌ عَلى كُلِّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ) ، ثم انصرفت الكفّ ، وقاما مقامهما ، ثم رجعت الكف بينهما ، مكتوب عليها بالعبرانية (إِنَّ عَلَيْكُمْ لَحافِظِينَ كِراماً كاتِبِينَ يَعْلَمُونَ ما تَفْعَلُونَ) ، ثم انصرفت الكفّ ، وقاما مقامهما ، فعادت الكفّ الثالثة مكتوب عليها : (وَلا تَقْرَبُوا الزِّنى إِنَّهُ كانَ فاحِشَةً وَساءَ سَبِيلاً) وانصرفت الكف ، وقاما مقامهما فعادت الكف الرابعة مكتوب عليها بالعبرانية : (وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ)(٣) ، فولّى يوسف عليهالسلام هاربا (٤).
وقد كان وهب أو من نقل عنه وهب ذكيا بارعا ، حينما زعم أن ذلك كان مكتوبا بالعبرانية ؛ وبذلك أجاب عما استشكلناه ، ولكن مع هذا لن يجوز هذا
__________________
(١) الإسراء / ٣٢.
(٢) تفسير الطبري ، ج ١٢ ، ص ١٠٨ ـ ١١٤. والدر المنثور ، ج ٤ ، ص ١٣ و ١٤. وتفسير ابن كثير ، ج ٢ ، ص ٤٧٤ و ٤٧٥. وتفسير البغوى ، ج ٢ ، ص ٤١٨ ـ ٤٢٠.
(٣) البقرة / ٢٨١.
(٤) الدر المنثور ، ج ٤ ، ص ١٤.