العلم.
فقد رووا عن ابن عباس ـ رضوان الله عليه ـ أنه سئل عن همّ يوسف عليهالسلام ما بلغ؟ قال : حلّ الهميان ـ يعنى السراويل ـ وجلس منها مجلس الخائن ، فصيح به ، يا يوسف لا تكن كالطير له ريش ، فإذا زنى قعد ليس له ريش. ورووا مثل هذا عن علي رضى الله عنه وعن مجاهد ، وعن سعيد بن جبير.
ورووا أيضا في البرهان الذي رآه ، ولولاه لوقع في الفاحشة بأنه نودي : أنت مكتوب في الأنبياء ، وتعمل عمل السفهاء ، وقيل : رأى صورة أبيه يعقوب في الحائط ، وقيل : في سقف الحجرة ، وأنه رآه عاضّا على إبهامه ، وأنه لم يتعظ بالنداء ، حتى رأى أباه على هذه الحال. بل أسرف واضعو هذه الإسرائيليّات الباطلة ، فزعموا أنه لما لم يرعو من رؤية صورة أبيه عاضّا على أصابعه ، ضربه أبوه يعقوب ، فخرجت شهوته من أنامله! ولأجل أن يؤيّد هؤلاء الذين افتروا على الله ونبيه يوسف هذا الافتراء ، يزعمون أيضا : أن كل أبناء يعقوب قد ولد له اثنا عشر ولدا ما عدا يوسف ، فإنه نقص بتلك الشهوة التي خرجت من أنامله ولدا ، فلم يولد له غير أحد عشر ولدا. بل زعموا أيضا في تفسير البرهان ، فيما روي عن ابن عباس : أنه رأى ثلاث آيات من كتاب الله : قوله تعالى : (وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحافِظِينَ كِراماً كاتِبِينَ)(١) ، وقوله تعالى : (وَما تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَما تَتْلُوا مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُوداً إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ)(٢) ، وقوله تعالى : (أَفَمَنْ هُوَ قائِمٌ عَلى كُلِّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ)(٣) ، وقيل : رأى (وَلا تَقْرَبُوا الزِّنى إِنَّهُ
__________________
(١) الانفطار / ١٠ و ١١.
(٢) يونس / ٦١.
(٣) الرعد / ٣٣.