الكريم ، حتى ينظروا إليه ، فإذا رأوه قالوا : «اللهم أنت السلام ، ومنك السلام ، وحقّ لك الجلال والإكرام. قال : فيقول تعالى عند ذلك : أنا السلام ، ومنّي السلام ، وعليكم السلام ، حقّت رحمتي ، ومحبّتي ، مرحبا بعبادي الذين خشوني بغيب ، وأطاعوا أمري. قال : فيقولون : ربنا لم نعبدك حق عبادتك ، ولم نقدرك حق قدرك ، فأذن لنا في السجود قدّامك. قال : فيقول الله : إنها ليست بدار نصب ، ولا عبادة ، ولكنها دار ملك ونعيم ، وإني قد رفعت عنكم نصب العبادة فسلوني ما شئتم ، فإنّ لكل رجل منكم أمنيّته. فيسألونه ، حتى أن أقصرهم أمنيّة ليقول : ربّي تنافس أهل الدنيا في دنياهم ، فتضايقوا فيها ، ربّ فآتني كل شيء كانوا فيه ، من يوم خلقتها إلى أن انتهت الدنيا ، فيقول الله تعالى : لقد قصرت بك أمنيتك ، ولقد سألت دون منزلتك ، هذا لك مني وسأتحفك بمنزلتي ؛ لأنه ليس في عطائى نكد ، ولا قصر يد. قال : ثم يقول : أعرضوا على عبادي ما لم يبلغ أمانيهم ولم يخطر لهم على بال. قال : فيعرضون عليهم حتى يقضوهم أمانيهم التي في أنفسهم ، فيكون فيما يعرضون عليهم براذين مقرنة ، على كل أربعة منها سرير من ياقوتة واحدة ، على كل سرير منها قبة من ذهب مفرغة ، في كل قبة منها فرش من فرش الجنة ، متظاهرة ، في كل قبة منها جاريتان من الحور العين ، على كل جارية منهن ثوبان من ثياب الجنة. وليس في الجنة لون إلّا وهو فيهما ، ولا ريح ولا طيب إلّا قد عبق بهما ، ينفذ ضوء وجوههما غلظ القبة ، حتى يظن من يراهما أنهما دون القبة ، يرى مخهما من فوق سوقهما كالسلك الأبيض من ياقوتة حمراء ، تريان له من الفضل على صاحبته كفضل الشمس على الحجارة أو أفضل ، ويرى هو لهما مثل ذلك. ثم يدخل إليهما فتحييانه وتقبّلانه ، وتعانقانه ، وتقولان له : والله ما ظننا أن الله يخلق مثلك. ثم يأمر الله تعالى الملائكة فيسيرون بهم صفا في الجنة ، حتى