عن المعصية ، ويدعونهم إلى ما تركوا من الطاعة. فلما ملك ذلك الملك بعث الله معه شعياء بن أمصيا ، وذلك قبل مبعث زكريا ، ويحيى وعيسى ، وشعياء الذي بشّر بعيسى ، ومحمد ، فملك ذلك الملك بني إسرائيل ، وبيت المقدس زمانا ، فلما انقضى ملكه ، عظمت فيهم الأحداث ، وشعياء معه ، بعث الله عليهم «سنجاريب» ملك بابل ، ومعه ستمائة ألف راية (١) ، فأقبل سائرا ، حتى نزل نحو بيت المقدس ، والملك مريض ، في ساقه قرحة ، فجاء النبي شعياء ، فقال له : يا ملك بني إسرائيل إن «سنجاريب» ملك بابل قد نزل بك هو وجنوده ، ستمائة ألف راية ، وقد هابهم الناس ، وفرقوا (٢) منهم. فكبر ذلك على الملك ، فقال : يا نبي الله ، هل أتاك وحي من الله فيما حدث فتخبرنا به؟ كيف يفعل الله بنا ، وبسنجاريب وجنوده؟ فقال له النبي عليهالسلام : لم يأتني وحي ، أحدث إليّ في شأنك ، فبينما هم على ذلك أوحى الله إلى شعياء النبي أن ائت ملك بني إسرائيل فمره أن يوصي وصيته ، ويستخلف على ملكه من شاء من أهل بيته ، فإنك ميت.
ثم استرسل ابن جرير في الرواية ، حتى استغرق ذلك أربع صفحات كبار من كتابه (٣) ، لا يشك الناظر فيها أنها من أخبار بني إسرائيل ، وفيما ذكره ابن جرير عن ابن إسحاق الصدق ، والكذب ، والحق ، والباطل ولسنا في حاجة إليه في تفسير الآيات.
وفي الإفساد الثاني ـ ومن سلط عليهم ـ روى ابن جرير أيضا ، قال : حدثني محمد بن سهل بن عسكر ، ومحمد بن عبد الملك بن زنجويه ، قالا : حدثنا
__________________
(١) من المبالغات التي لا تصدق ، وكن على ذكر مما نقلناه عن العلامة ابن خلدون فيما سبق.
(٢) أي خافوا.
(٣) ج ١٥ ، ص ١٨ ـ ٢١.