وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ الْخُلَطاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَقَلِيلٌ ما هُمْ وَظَنَّ داوُدُ أَنَّما فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ راكِعاً وَأَنابَ. فَغَفَرْنا لَهُ ذلِكَ وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنا لَزُلْفى وَحُسْنَ مَآبٍ)(١).
فقد ذكر ابن جرير ، وابن أبي حاتم ، والبغوي ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٢) من الأخبار ما تقشعرّ منه الأبدان ، ولا يوافق عقلا ، ولا نقلا ، عن ابن عباس ، ومجاهد ، ووهب بن منبّه ، وكعب الأحبار ، والسدّي ، وغيرهم ما محصّلها : أن داود عليهالسلام حدّث نفسه ؛ إن ابتلي أن يعتصم ، فقيل له : إنك ستبتلى وستعلم اليوم الذي تبتلي فيه ، فخذ حذرك ، فقيل له : هذا اليوم الذي تبتلي فيه ، فأخذ الزبور (٣) ، ودخل المحراب ، وأغلق بابه ، وأقعد خادمه على الباب ، وقال : لا تأذن لأحد اليوم. فبينما هو يقرأ الزبور ، إذ جاء طائر مذهّب يدرج بين يديه ، فدنا منه ، فأمكن أن يأخذه ، فطار فوقع على كوّة المحراب ، فدنا منه ليأخذه ، فطار ، فأشرف عليه لينظر أين وقع ، فإذا هو بامرأة عند بركتها تغتسل من الحيض ، فلما رأت ظله نفضت شعرها ، فغطّت جسدها به ، وكان زوجها غازيا في سبيل الله ، فكتب داود إلى رأس الغزاة : أن اجعله في حملة التابوت (٤) ، وكان حملة التابوت إما أن يفتح عليهم ، وإما أن يقتلوا ، فقدّمه في حملة التابوت ، فقتل. وفي بعض هذه الروايات الباطلة : أنه فعل ذلك ثلاث مرات ، حتى قتل في الثالثة ، فلمّا انقضت عدّتها ، خطبها داود عليهالسلام ، فتسوّر عليه الملكان ، وكان ما كان ، مما حكاه
__________________
(١) ص / ٢١ ـ ٢٥.
(٢) ج ٥ ، ص ٣٠٠ ـ ٣٠٢.
(٣) كتاب داود عليهالسلام.
(٤) صندوق فيه بعض مخلفات أنبياء بني إسرائيل ، فكانوا يقدمونه بين يدى الجيش كي ينصروا.