وقد روي ، أنه مكث في البلاء مدة طويلة ، ثم اختلفوا في السبب المهيّج له على هذا الدعاء ، فقال الحسن ـ يعني البصري ـ وقتادة : ابتلي أيوب عليهالسلام سبع سنين وأشهرا ؛ ملقى على كناسة بني إسرائيل ، تختلف الدواب في جسده ، ففرّج الله عنه ، وأعظم له الأجر ، وأحسن عليه الثناء. وقال وهب بن منبّه : مكث في البلاء ثلاث سنين ، لا يزيد ولا ينقص. وقال السدّي : تساقط لحم أيوب ، حتى لم يبق إلّا العصب والعظام. ثم ذكر قصة طويلة.
ثم ذكر ما رواه ابن أبي حاتم بسنده ، عن الزهري ، عن أنس بن مالك : أن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم قال :
«إن نبي الله أيوب لبث به بلاؤه ثماني عشرة سنة ، فرفضه القريب والبعيد ، إلّا رجلين من إخوانه ، كانا من أخص إخوانه له ، كانا يغدوان إليه ويروحان ، فقال أحدهما لصاحبه : تعلم ـ والله ـ لقد أذنب أيوب ذنبا ما أذنبه أحد من العالمين ، فقال له صاحبه : وما ذاك؟ قال : منذ ثماني عشرة سنة لم یرحمهالله ، فيكشف ما به. فلما راحا إليه لم يصبر الرجل حتى ذكر ذلك له ، فقال أيوب عليهالسلام : ما أدري ما تقول ، غير أن الله عزوجل يعلم أني كنت أمرّ على الرجلين يتنازعان ، فيذكر ان الله ، فأرجع إلى بيتي ، فأكفّر عنهما كراهية أن يذكرا الله إلّا في حق. قال : وكان يخرج في حاجته ، فإذا قضاها أمسكت امرأته بيده ، حتى يبلغ ، فلما كان ذات يوم أبطأت عليه ، فأوحى الله إلى أيوب في مكانه : أن اركض برجلك هذا مغتسل بارد وشراب».
وقال ابن كثير : رفع هذا الحديث غريب جدا (١) ، وقال الحافظ ابن حجر : وأصح ما ورد في قصته ما أخرجه ابن أبي حاتم وابن جرير ، وصحّحه ابن حبان
__________________
(١) تفسير ابن كثير ، ج ٣ ، ص ١٨٩.