الأرض ، ويرونها معلقة في الفضاء بلا عمد ، ولا جبال ، ولا بحار ، ولا صخرة استقرت عليها الأرض ، فهذه الإسرائيليات مخالفة للحسّ والمشاهدة قطعا ، فكيف نتعلق بها؟!
قال الآلوسي : والذي أذهب إليه ما ذهب إليه القرافي ، من أنه لا وجود لهذا الجبل بشهادة الحسّ ، فقد قطعوا هذه الأرض ، برّها وبحرها ، على مدار السرطان مرات ، فلم يشاهدوا ذلك ، والطعن في صحة الأخبار ـ وإن كان جماعة من رواتها ممن التزم تخريج الصحيح ـ أهون من تكذيب الحسّ ، وأمر الزلازل لا يتوقّف أمرها على ذلك الجبل ، بل هي من الأبخرة ، المتولّدة من شدّة حرارة جوف الأرض ، طلبها الخروج ، مع صلابة الأرض ، فيحصل هذا الاهتزاز ، وإنكار ذلك مكابرة عند من له عرق من الإنصاف (١) ، ولا ندري لو أن الآلوسي عاش في عصرنا هذا ، ووقف على ما وقفنا عليه من عجائب الرحلات الفضائية ، ما ذا كان يقول؟ ، إنّ كلّ مسلم ينبغي أن يكون له من العقل الواعي المتفتح ، والنظر الثاقب البعيد.
وإليك ما قاله عالم ناقد ، سبق الآلوسي بنحو خمسة قرون (٢) : فقد قال في تفسيره عند هذه الآية : وقد روى عن السلف أنهم قالوا : (ق) : جبل محيط بجميع الأرض يقال له : جبل قاف ، وكأنّ هذا ـ والله أعلم ـ من خرافات بني إسرائيل التي أخذها عنهم بعض الناس ، لما رأى من جواز الرواية عنهم ، مما لا يصدق ، ولا يكذب. وعندي : أن هذا ، وأمثاله ، وأشباهه من اختلاق بعض زنادقتهم ، يلبّسون به على الناس أمر دينهم ، كما افتري في هذه الأمة ـ مع جلالة
__________________
(١) روح المعاني للآلوسي ، ج ٢٦ ، ص ١٢٠.
(٢) ابن كثير توفي سنة (٧٧٤ ه) والآلوسي توفي سنة (١٢٧٠ ه).