من أصل فارسي ، كانت تعيش في بغداد ، ثم ارتحلت إلى مصر.
كان جلال الدين من أكبر الحفّاظ والرواة ، جمّاعا للأحاديث ، مولعا بمطالعة الكتب والنقل عنها ، وبذلك أصبح رأسا في التأليف والتصنيف ، وجلّ تآليفه ذات فوائد جمّة شريفة ، مما يشهد بتبحّره وسعة اطّلاعه.
وقد ألّف السيوطي تفسيرا مبسّطا جمع فيه من الآثار بأسانيد الكتب المخرجة منها ، ثم اختصره بحذف الأسانيد ، وهو المعروف اليوم ب «الدرّ المنثور في التفسير بالمأثور». يقول هو :
فلما ألّفت كتاب «ترجمان القرآن» وهو التفسير المسند عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وأصحابه ، وتمّ بحمد الله في مجلّدات. فكان ما أوردته فيه من الآثار بأسانيد الكتب المخرجة منها ، رأيت قصور أكثر الهمم عن تحصيله ، ورغبتهم في الاقتصار على متون الأحاديث ، دون الإسناد وتطويله ، فلخّصت منه هذا المختصر ، مقتصرا فيه على متن الأثر ، مصدّرا بالعزو والتخريج إلى كل كتاب معتبر ، وسميته ب «الدّر المنثور في التفسير بالمأثور» (١).
وكان قد شرع في تفسير أبسط وأوسع ، جامع بين فنون الكلام وأنواع التفسير ، لكنه لم يعرف اتمامه. يقول عنه : وقد شرعت في تفسير جامع لجميع ما يحتاج إليه من التفاسير المنقولة ، والأقوال المقولة والاستنباطات والإشارات والأعاريب واللغات ونكت البلاغة ومحاسن البدائع وغير ذلك ؛ بحيث لا يحتاج معه إلى غيره أصلا ، وسمّيته ب «مجمع البحرين ومطلع البدرين». وهو الذي جعلت هذا الكتاب «الإتقان» مقدمة له. والله أسأل أن يعين على إكماله
__________________
(١) الدر المنثور ، ج ١ ، ص ٢.