قوله ـ (الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عاقِبَةُ الْأُمُورِ)(١) يقول : وهذه صفة الخلفاء الراشدين الذين مكّنهم الله في الأرض ... وفيه الدلالة الواضحة على صحة إمامتهم ؛ لإخبار الله تعالى بأنهم إذا مكّنوا في الأرض أقاموا بفروض الله عليهم ، وقد مكّنوا في الأرض ، فوجب أن يكونوا أئمة قائمين بأوامر الله ، منتهين عن زواجره ونواهيه. ولا يدخل معاوية في هؤلاء ؛ لأن الله إنما وصف بذلك المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم ، وليس معاوية من المهاجرين ، بل هو من الطلقاء (٢).
وعند قوله تعالى : (وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ)(٣) يقول : وفيه الدلالة على إمامة الخلفاء الأربعة أيضا ؛ لأن الله استخلفهم في الأرض ومكّن لهم كما جاء الوعد ، ولا يدخل فيهم معاوية ؛ لأنه لم يكن مؤمنا في ذلك الوقت (٤).
وعند قوله : (وَإِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما فَإِنْ بَغَتْ إِحْداهُما عَلَى الْأُخْرى فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلى أَمْرِ اللهِ)(٥). نجده يجعل عليّا عليهالسلام هو المحق في قتاله ، ومعه كبراء الصحابة وأهل بدر من قد علم مكانهم ، وكان معاوية من الفئة الباغية ؛ لحديث عمار ، ولم ينكره معاوية ، بل حاول تأويله (٦). قال الذهبي : فجعل عليا هو المحق وأما معاوية ومن معه فهم الفئة
__________________
(١) الحج / ٣٩ ـ ٤١.
(٢) أحكام القرآن للجصّاص ، ج ٣ ، ص ٢٤٦.
(٣) النور / ٥٥.
(٤) أحكام القرآن للجصّاص ، ج ٣ ، ص ٣٢٩.
(٥) الحجرات / ٩.
(٦) أحكام القرآن للجصاص ، ج ٣ ، ص ٤٠٠.