ونقلت من كلامه في أصول الفقه ، واستشهاده بالآيات الّتي احتاج إليه من الكتاب ، على غاية الاختصار ، ما يليق بهذا الكتاب.
ومما استند إليه الشافعي في مسائل العقيدة ، قوله تعالى : (كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ)(١) قال : فلمّا حجبهم في السخط ، كان في هذا دليل على أنهم يرونه في الرضا.
وهكذا استدلّ على أنّ المشيئة لله بقوله تعالى : (وَما تَشاؤُنَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ)(٢) قال : فأعلم خلقه أن المشيئة له (٣).
وفي مسائل أصول الفقه ، استند في حجّية خبر الواحد بآيات بعث الرسل ، إلى كل أمّة برسول واحد ، ثم جعل يسرد الآيات في ذلك : (إِنَّا أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ ...)(٤). (وَإِلى عادٍ أَخاهُمْ هُوداً ...)(٥). (وَإِلى ثَمُودَ أَخاهُمْ صالِحاً ...)(٦) وغير ذلك من آيات. قال : فأقام ـ جلّ ثناؤه ـ حجّته على خلقه في أنبيائه بالأعلام الّتي باينوا بها خلقه سواهم ، وكانت الحجّة على من شاهد أمور الأنبياء دلائلهم الّتي باينوا بها غيرهم ، وعلى من بعدهم ـ وكان الواحد في ذلك وأكثر منه سواء ـ تقوم الحجّة بالواحد منهم قيامها بالأكثر ... وكذا أقام الحجة على الأمم بواحد.
قال البيهقي : واحتج الشافعي بالآيات الّتي وردت في القرآن في فرض طاعة
__________________
(١) المطففين / ١٥.
(٢) الدهر / ٣٠.
(٣) أحكام القرآن للشافعي (البيهقي) ، ج ١ ، ص ٤٠.
(٤) نوح / ١.
(٥) الأعراف / ٦٥.
(٦) الأعراف / ٧٣.