يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ)(١) يقول :
واعلم أنّ هذه الآية من الأدلّة الواضحة على إمامة أمير المؤمنين عليهالسلام بعد النبي بلا فصل. وجه الدلالة فيها أنه قد ثبت أنّ الولي في الآية بمعنى الأولى والأحق ، وثبت أيضا أنّ المعنى بقوله : «والذين آمنوا» أمير المؤمنين. فإذا ثبت هذان الأصلان ، دلّ على إمامته.
ثم أخذ في بيان كون المراد من «الولي» في الآية هو الأولى بالأمر ؛ لأنه المتبادر من اللفظ. واستشهد بقول العرب ، وبآيات وأشعار ، وشواهد أخر. وأخذ في بيان دلالة «إنما» على الحصر ، كما أثبت من رواية أكثر المفسرين على نزولها في علي عليهالسلام (٢).
وعند قوله تعالى : (وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ)(٣) يروي عن الإمام أبي جعفر عليهالسلام : أنهم الأئمة المعصومون ، وقيل : هم أمراء السرايا والولاة ، وقيل : هم أهل العلم والفقه الملازمين للنّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم. قال الجبائي : هذا لا يجوز ؛ لأنّ «أولى الأمر» ، من لهم الأمر على الناس بولاية. قال الشيخ : والأوّل أقوى ؛ لأنه تعالى بيّن أنهم متى ردّوه إلى أولي العلم علموه ، والردّ إلى من ليس بمعصوم ، لا يوجب العلم ؛ لجواز الخطأ عليه بلا خلاف ، سواء أكانوا أمراء السرايا ، أو العلماء (٤).
وعند قوله تعالى : (إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثانِيَ
__________________
(١) المائدة / ٥٥.
(٢) التبيان ، ج ٣ ، ص ٥٥٩.
(٣) النساء / ٨٣.
(٤) التبيان ، ج ٣ ، ص ٢٧٣.