وهكذا يذهب إلى أن المؤمن لا يرتدّ ولا يكفر بعد الإيمان ، ويؤوّل ما ظاهره الخلاف ، مستدلا بأنّ الإيمان عمل يستحق صاحبه المثوبة الدائمة ، ولا مثوبة مع موافاة الكفر ، وكانت عقوبته دائمة أيضا ؛ إذ لا يجتمع تداوم الأمرين.
قال عند تفسير قوله تعالى : (وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبى وَاسْتَكْبَرَ وَكانَ مِنَ الْكافِرِينَ)(١) القائل بأنّ ذلك كفر من إبليس ، جعلوا «كان» بمعنى «صار» أي وصار من الكافرين ، لكنه خطأ من وجهين : أولا : ذلك عدول عن ظاهر اللفظ بلا ضرورة تدعو إليه ، ثانيا : جعل العمل الجوارحي كفرا ، أي موجبا للكفر ، في حين أنه يوجب الفسق ، حتى ولو كانت كبيرة ، على خلاف مذهب أهل الاعتزال ؛ حيث جعلوا فعل الكبيرة موجبا للكفر ، وهذا خلاف البرهان.
ثم أخذ في الاستدلال على أن الإيمان لا يتعقّبه كفر أو نفاق ، وإنما هو كاشف عن عدمه من قبل ، ولم يكن سوى إيمان ظاهري لا واقعي. قال ـ ما لفظه بالفارسية ـ :
«ومذهب ما آن است كه مؤمن حقيقى ، كه خداى تعالى از او ايمان داند ، كافر نشود ، براى منع دليلى ، وآن دليل آن است كه اجماع امّت است كه مؤمن مستحق ثواب ابد بود ، وكافر مستحق عقاب ابد بود ، وجمع بين استحقاقين بر سبيل تأبيد محال بود ، چه استحقاق در صحت واستحالت ، تبع وصول باشد. واحباط به نزديك ما باطل است ، چنانكه بيانش كرده شود ، پس دليل مانع از ارتداد مؤمن اين است كه گفتيم. وابليس هميشه كافر بود ومنافق (وَكانَ مِنَ الْكافِرِينَ)(٢).
__________________
(١) البقرة / ٣٤.
(٢) تفسير أبي الفتوح ، ج ١ ، ص ١٣٨ ـ ١٣٩. وراجع ايضا ج ٤ ، ص ٢٣٣.