المقاتل والمراثي من المتأخرين ، ككتاب «محرق القلوب» للمولى مهدي النراقي ، وكتاب «أسرار الشهادة» لآقا بن عابد الدربندي المملوء بالأكاذيب والطامّات. وأمثال هذه الكتب كثير مع الأسف ، كتبتها أيدي أناس ضعاف العقول ، ممن تساهلوا في أمر الدين ، وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا ، سامحهم الله.
أخرج ابن الجوزي بإسناده إلى محمود بن غيلان قال : سمعت مؤمّلا يقول : حدّثني شيخ بفضائل سور القرآن الذي يروى عن أبي بن كعب. فقلت للشيخ : من حدّثك؟ قال : حدّثني رجل بالمدائن وهو حيّ ، فصرت إليه. فقال : حدّثني شيخ بواسط وهو حيّ ، فصرت إليه. فقال : حدّثني شيخ بالبصرة ، فصرت إليه. فقال : حدثني شيخ بعبادان ، فصرت إليه. فأخذ بيدي فأدخلني بيتا فإذا فيه قوم من المتصوّفة ومعهم شيخ. فقال : هذا الشيخ حدّثني. فقلت : يا شيخ من حدّثك؟ فقال : لم يحدّثني أحد ، ولكنّا رأينا الناس قد رغبوا عن القرآن ، فوضعنا لهم هذا الحديث ليصرفوا وجوههم إلى القرآن (١).
ومن ثمّ قال يحيى بن سعيد القطان : لم نر الصالحين في شىء أكذب منهم في الحديث.
وأوّله مسلم بأنّه يجري الكذب على لسانهم ولا يتعمدون الكذب (٢).
قال القرطبي في «التذكار» لا التفات لما وضعه الواضعون واختلقه المختلقون من الأحاديث الكاذبة والأخبار الباطلة في فضل سور القرآن ، وغير ذلك من فضائل الأعمال ، وقد ارتكبها جماعة كثيرة وضعوا الحديث حسبة ـ كما زعموا ـ يدعون الناس إلى فضائل الأعمال ، كما روي عن أبي عصمة نوح بن أبي
__________________
(١) الموضوعات ، ج ١ ، ص ٢٤١. واللئالئ المصنوعة للسيوطي ، ج ١ ، ص ٢٢٧ ـ ٢٢٨.
(٢) مقدمة صحيح مسلم ؛ الحديث ، رقم ٤٠ ، ج ١ ، ص ١٣ ـ ١٤.