محاولة الإيمان يكون أيضا مخالفة لأمر الله تعالى ، فيكون الذم حاصلا على الترك والفعل.
قال : فهذه هي الوجوه المذكورة في هذا الموضع. وهذا هو الكلام الهادم لأصول الاعتزال. ولقد كان السلف والخلف من المحقّقين معوّلين عليه في دفع أصول المعتزلة وهدم قواعدهم. ولقد قاموا ـ أي المعتزلة ـ وقعدوا واحتالوا على دفعه فما أتوا بشيء مقنع.
هذه هي الوجوه الخمسة التي زعم منها دلائل ثابتة تدعم نظرية أصحابه في جواز التكليف بغير المستطاع ، وحسب أنّ خصومهم أصحاب الاعتزال عجزوا عن ردّها مهما أوتوا من حول وقوّة.
في حين أنّ آثار الوهن بادية عليها ، لأنّ أساسها العلم الأزلي الإلهي المتعلق بعدم إيمان الكافر الجاحد. والحال أنّ العلم مهما يكن فإنه ليس سببا لوقوع المعلوم ، بل إن وقوع المعلوم في وقته سبب لحصول هذا العلم ، فالعلم تبع للمعلوم. فلو فرض أنهم كانوا يؤمنون ؛ لكان العلم حاصلا بإيمانهم. فليس العلم القديم أصلا ، بل هو فرع تحقّق المعلوم في حينه المتأخر ، كما قال أبو الحسين البصري : إن العلم تبع المعلوم ، فإذا فرض الواقع من العبد الإيمان ، عرف أن الحاصل في الأزل لله تعالى هو العلم بالإيمان ، والعمدة أن العبد مختار في الكفر والإيمان ، فأي منهما تحقّق منه ، علمه الله في الأزل ، وليس علمه تعالى سببا قهريّا يسلب عن العبد اختياره في العمل.
وهذا واضح لمن تدبّر ، ولا أظنّ خفاءه على مثل الإمام الرازي صاحب الذهنيّة الوقّادة ، ولكن تظاهرا بالدفاع عن مذهبه الرسمي المفروض عليه من قبل السلطات ، دعاه إلى ذكر مثل هذه الوجوه البادي عليها الضعف والوهن. وتماشيا