إذ قالت الأنساع للبطن الحق |
|
قدوما فآضت كالفنيق المحنق (١) |
وقوله :
قالت له ريح الصبا قرقار |
|
واختلط المعروف بالإنكار (٢) |
قال الذهبي : ولكن ابن المنير السني لم يرض هذا من الزمخشري بطبيعة الحال ، ولذا تعقّبه بقوله : إطلاق التمثيل أحسن. وقد ورد الشرع به. أما إطلاق التخييل على كلام الله تعالى فمردود ، ولم يرد به سمع ، وقد كثر إنكارنا عليه لهذه اللفظة. ثم إنّ القاعدة مستقرة على أن الظاهر ما لم يخالف المعقول يجب إقراره على ما هو عليه ، فلذلك أقرّه الأكثرون على ظاهره وحقيقته ، ولم يجعلوه مثالا. أما كيفية الإخراج والمخاطبة فالله أعلم بذلك (٣).
ومسألة «التمثيل» و «التخييل» يستعملها الزمخشري بحريّة أوسع فيما ورد من الأحاديث التي يبدو ظاهرها مستغربا ، وقد مرّ كلامه في حديث مسّ الشيطان ونخسه للمواليد ، الأمر الذي أثار ثائرة خصمه السنّي الذي لم يرتض هذا الصنيع من خصمه المعتزلي ، فتراه يتورّك عليه بقوله : أما الحديث فمذكور في الصحاح متفق على صحته ، فلا محيص له إذن عن تعطيل كلامه عليهالسلام بتحميله ما لا يحتمله ،
__________________
(١) ـ هو لأبي النجم العجلي. والنسع ـ بالكسر ـ : حزام عريض يشدّ به وسط الدابة وستر الهودج. والحق : فعل أمر ، أي التصق يا ظهر بالبطن وانضمر. وقدوما مصدر منصوب بمحذوف أو بما قبله على أنه مفعول له. وآض يئيض : صار بصير. والفنيق : الفحل المنعم المكرم. والمحنق : المغيظ من الحنق ، وهو الغيظ.
(٢) ـ أيضا لأبي النجم. وقرقار : اسم فعل بمعنى قرقر ، أمر السحاب لتنزيله منزلة العاقل ، أي صوّت بالرعد. والمقصود من الإنكار : المواضع غير المعروفة ، أي سوّ بين الإمكان المعهودة بالإمطار وغير المعهودة.
(٣) الكشاف ، ج ٢ ، ص ١٧٦ ـ ١٧٧.