بِيَمِينِهِ)(١) من غير تصوّر قبضة وطيّ ويمين ، وإنما هو تخييل لعظمة شأنه ، وتمثيل حسّي ، ألا ترى إلى قوله : (وَما قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ)(٢)؟!
الأمر الذي لم يرتض ابن المنير ، ومن ثم عقّبه بقوله : قوله : «إن ذلك تخييل للعظمة» سوء أدب في الإطلاق ، وبعد في الإصرار ، فإن التخييل إنما يستعمل في الأباطيل وما ليست له حقيقة صدق ، فإن يكن معنى ما قاله صحيحا فقد أخطأ في التعبير عنه بعبارة موهمة ، لا مدخل لها في الأدب الشرعي. وسيأتي له أمثالها مما يوجب الأدب أن يجتنب.
وفي سورة الأعراف عند تفسير آية الميثاق يقول : وقوله : (أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى شَهِدْنا)(٣) من باب التمثيل. ومعنى ذلك : أنه نصب لهم الأدلّة على ربوبيّته ووحدانيّته ، وشهدت بها عقولهم وبصائرهم التي ركّبها فيهم ، وجعلها مميّزة بين الضلالة والهدى ، فكأنّه أشهدهم على أنفسهم وقرّرهم ، وقال لهم : ألست بربكم ، وكأنّهم قالوا : بلى أنت ربّنا ، شهدنا على أنفسنا وأقررنا بوحدانيّتك. وباب التمثيل واسع في كلام الله تعالى ورسوله عليهالسلام وفي كلام العرب. ونظيره قوله تعالى : (إِنَّما قَوْلُنا لِشَيْءٍ إِذا أَرَدْناهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ)(٤) ، (فَقالَ لَها وَلِلْأَرْضِ ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ)(٥).
وقوله :
__________________
(١) الزمر / ٦٧.
(٢) الكشاف ، ج ١ ، ص ٣٠١.
(٣) الآية ١٧٢.
(٤) النحل / ٤٠.
(٥) فصّلت / ١١.