وسماعا ، فلذلك غلط ابن عامر في قراءته هذه. ولم يعلم الزمخشري أنّ ابن عامر قرأ بها ، يعلم ضرورة أن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قرأها على جبرائيل كما أنزلها عليه كذلك ، وتواترت عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم. ولو لا عذر أنّ المنكر ليس من أهل الشأنين : علم القراءة وعلم الأصول ، لخيف عليه الخروج من ربقة الدين ، وأنه على هذا العذر لفي عهدة خطرة وزلّة منكرة (١).
وقال أبو حيان الأندلسي : «وأعجب لعجمي ضعيف في النحو يردّ على عربي صريح محض قراءة متواترة ، موجود نظيرها في «لسان العرب» في غير ما بيت ، وأعجب لسوء ظنّ هذا الرجل بالقرّاء الأئمة الذين تخيّرتهم هذه الأمة لنقل كتاب الله شرقا وغربا ، وقد اعتمد المسلمون على نقلهم لضبطهم ومعرفتهم وديانتهم. ولا التفات لقول أبي علي الفارسي : هذا قبيح قليل في الاستعمال. وقال قبل ذلك : ولا التفات إلى قول ابن عطية : وهذه قراءة ضعيفة في استعمال العرب» (٢).
وقال الكواشي ـ هو أحمد بن يوسف أبو العباس الموصلي صاحب تفسير ، توفّي سنة (٦٨٠ ه) ـ : «كلام الزمخشري يشعر بأن ابن عامر ارتكب محظورا ، وأنه غير ثقة ؛ لأنه يأخذ القراءة من المصحف لا من المشايخ ، ومع ذلك أسندها إلى النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم. وليس الطعن في ابن عامر طعنا فيه ، وإنما هو طعن في علماء الأمصار ؛ حيث جعلوه أحد القرّاء السبعة المرضيّة ، وفي الفقهاء حيث لم ينكروا عليه ، وأنهم يقرءونها في محاريبهم ، والله أكرم من أن يجمعهم على الخطأ».
وقال التفتازاني : هذا أشدّ الجرم ؛ حيث طعن في أسناد القرّاء السبعة
__________________
(١) هامش الكشاف ، ج ٢ ، ص ٦٩.
(٢) تفسير «البحر المحيط» لأبي حيان ، ج ٤ ، ص ٢٢٩ ـ ٢٣٠.