نعم وجد أهل الحقد على الإسلام في معاوية والشام أرضيّة خصبة لبذر النفاق والتفريق بين كلمة المسلمين ، فعادوا عليا عليهالسلام حيث وجدوه المثال الأتم لحقيقة الإسلام الناصعة ، وأفرغوا عداءهم له وللإسلام ، في قالب الثناء على معاوية والشام بلد الأبدال ، فيما اختلقوه.
أخرج ابن الجوزي من طريق عبد الله بن أحمد بن حنبل ، قال : سألت أبي ما تقول في عليّ ومعاوية؟ فأطرق ، ثم قال : ايش أقول فيهما ، أن عليا عليهالسلام كان كثير الأعداء ، ففتّش أعداؤه له عيبا فلم يجدوا ، فعمدوا إلى رجل ـ يريد معاوية ـ قد حاربه وقاتله فأطروه ، كيدا منهم لعليّ عليهالسلام (١).
قال ابن حجر : فأشار بهذا إلى ما اختلقوه لمعاوية من الفضائل مما لا أصل له. قال : وقد ورد في فضائل معاوية أحاديث كثيرة ، ليس فيها ما يصح من طريق الإسناد. وبذلك جزم إسحاق بن راهويه والنسائي وغيرهما (٢).
ومن طريف الأمر ، أنّ البخاري في كتاب «الفضائل» نراه عنون الباب الذي خصّه بمعاوية ، بقوله : «باب ذكر معاوية» ، ولم يجرأ أن يعنونه بلفظة «الفضائل» كما في سائر الأبواب ، وبالفعل لم يأت فيه شيئا مذكورا (٣) ، وهكذا ابن الجوزي (٤) وغيره. ومن ثم قال ابن حجر في الشرح : عبّر البخاري في هذه
__________________
أهل فلسطين. قال الرجل : أنا منهم. وفي لفظ : قال : لعلك من الجند الذين يشفع شهيدهم بسبعين ، قال : ومن هم؟ قال : أهل حمص. (تاريخ ابن عساكر ، ج ١ ، ص ٥٧.) قال أبو ريّة : وحمص هذه هي البلدة التي دفن فيها جثمان كعب.
(١) الموضوعات ، ج ٢ ، ص ٢٤.
(٢) فتح البارى بشرح البخاري ، ج ٧ ، ص ٨١.
(٣) صحيح البخاري ، ج ٥ ، ص ٣٥.
(٤) الموضوعات ، ج ٢ ، ص ١٥.