أما الواردات (إلهامات) التي أشار إليها الأستاذ ، فشيء تدّعيه الصوفية وأرباب السلوك الصوفي المجرّد ، وليست سوى خواطر وأوهام وهواجس وتخيّلات بحتة ، لو لم نقل إنها من همزات الشياطين.
نعم السلوك إلى الله كامن وراء الإخلاص في العمل بتكاليف الشريعة والالتزام بتعاليمه القيمة محضا ، وليس في غير ذلك سوى ابتداع وانحراف عن الحقيقة ، أيّا كان نمطه ولونه ، فربّ عمل كان في أصله مشروعا ، لكنه أصبح بسبب ملابسات وزيادات كمّا أو كيفا ضلالة وبدعة ؛ إذ لم يرد بشأنها نص في الكتاب أو السنة الشريفة.
وبالجملة فإن الأعمال التي يزاولها أهل القشف في السلوك الصوفي ، أعمال غريبة عن روح الإسلام ، ولا ينبغي أن نصفها بصفة الحقيقة الربانية كما يزعمون.
وكلّ يدّعي وصلا بليلى |
|
وليلى لا تقرّ لهم جوابا |
هذا مضافا إلى وفرة شطحات هؤلاء ملأت دفاترهم وسجلّاتهم ، لا تدع مجالا لأيّ تبرير لمواضعهم ، حتى ولو كان شكليّا. وسيوافيك نقم العلماء على مواضع الصوفية في تأويلاتهم الباطلة ، عند الكلام عن تفسير السلمي ، شيخ القشيري ومقتداه في التفسير. ونتعرض هناك لتأويلات لا تنسجم مع روح الشريعة ، ولا هي تتوافق مع لفظ القرآن ، لا في ظاهره ولا في باطنه.
والحديث الشريف : «إنّ للقرآن ظهرا وبطنا ...» ، و «أن ظهره تنزيله وبطنه تأويله ...» لا يعني هواجس أهل التصوّف أو تخيّلاتهم المزعومة. وقد أسبقنا أنّ للتأويل (كشف باطن الآية) شروطا كما أنّ للتفسير (فهم ظاهر الآية) أيضا شروطا ، وليس هذا أو ذاك مطلق العنان ، يجري حسبما يشتهيه أهل الأهواء.
وعليك بمراجعة ما يأتي من نماذج من تأويلاتهم التي لا تعدو تخيلات.