والمدن والمزن والرواسي |
|
والخير والأمن والسكون |
لم تتغير لنا الليالي |
|
حتى توفتهم المنون |
فكل جمر لنا قلوب |
|
وكل ماء لنا عيون (١) |
وفي سورة الحج عند قوله تعالى : (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً)(٢) ، يقول : قال بعضهم : أنزل مياه الرحمة من سحائب القربة ، وفتح إلى قلوب عباده عيونا من ماء الرحمة ، فأنبتت فاخضرّت بزينة المعرفة ، وأثمرت الإيمان ، وأينعت التوحيد ، أضاءت بالمحبة فهامت إلى سيّدها ، واشتاقت إلى ربّها فطارت بهمّتها ، وأناخت بين يديه ، وعكفت فأقبلت عليه ، وانقطعت عن الأكوان أجمع. ذاك آواها الحق إليه ، وفتح لها خزائن أنواره ، وأطلق لها الخيرة في بساتين الأنس ، ورياض الشوق والقدس (٣).
وفي سورة الرحمن عند قوله تعالى : (فِيها فاكِهَةٌ وَالنَّخْلُ ذاتُ الْأَكْمامِ)(٤) يقول : قال جعفر : جعل الحق تعالى في قلوب أوليائه رياض أنسه ، فغرس فيها أشجار المعرفة ، أصولها ثابتة في أسرارهم ، وفروعها قائمة بالحضرة في المشهد ، فهم يجنون ثمار الأنس في كل أوان ، وهو قوله تعالى : (فِيها فاكِهَةٌ وَالنَّخْلُ ذاتُ الْأَكْمامِ) أي ذات الألوان ، كل يجتني منه لونا على قدر سعته ، وما كوشف له من بوادي المعرفة وآثار الولاية (٥).
__________________
(١) تفسير السّلمي ، ص ١٣٨.
(٢) الحج / ٦٣.
(٣) تفسير السّلمي ، ص ٢١٢.
(٤) الرحمن / ١١.
(٥) تفسير السّلمي ، ص ٣٤٤.