كثر الكلام فيه ، من قبل أنه اقتصر فيه على ذكر تأويلات ومحامل للصوفيّة ، ينبو عنها ظاهر اللفظ (١).
وإليك الآن نماذج من تأويلات السّلمي ، مما ينبو عنها لفظ القرآن الكريم : قال في الآية (وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيارِكُمْ ما فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ)(٢) : قال محمد بن الفضل : اقتلوا أنفسكم بمخالفة هواها ، أو أخرجوا من دياركم ، أي أخرجوا حب الدنيا من قلوبكم ، ما فعلوه إلّا قليل منهم في العدد ، كثير في المعاني ، وهم أهل التوفيق والولايات الصادقة (٣).
وفي سورة الرعد عند قوله تعالى : (وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ وَجَعَلَ فِيها رَواسِيَ)(٤) يقول : قال بعضهم : هو الذي بسط الأرض وجعل فيها أوتادا من أوليائه وسادة من عبيده ، فإليهم الملجأ وبهم النجاة ، فمن ضرب في الأرض يقصدهم فاز ونجا ، ومن كان بغيته لغيرهم خاب وخسر. سمعت علي بن سعيد يقول : سمعت أبا محمد الحريري يقول : كان في جوار الجنيد إنسان مصاب في خربة ، فلمّا مات الجنيد وحملنا جنازته ، حضر الجنازة ، فلما رجعنا تقدّم خطوات وعلا موضعا من الأرض عاليا ، فاستقبلني بوجهه ، وقال : يا أبا محمد ، إني لراجع إلى تلك الخربة ، وقد فقدت ذلك السيّد ، ثم أنشد شعرا :
وما أسفي من فراق قوم |
|
هم المصابيح والحصون |
__________________
(١) طبقات المفسرين للداودي ، ج ٢ ، ص ١٣٩.
(٢) النساء / ٦٦.
(٣) تفسير السّلمي (حقائق التفسير) ، ص ٤٩.
(٤) الرعد / ٣.