المتهوّك : الذي خاس عقله ، فيرد في الأمور من غير رويّة ولا تعقّل ، كالمتهوّر غير المبالي.
وهذا اللحن من الخطاب غاية في الاستنكار على صنيع قبيح لا يليق بشأن إنسان عاقل متدبّر بصير. فقد وبّخ صلىاللهعليهوآلهوسلم عمر في صنيعه هذا ، وأنه راجع اليهود في بعض مسائله ، وهذا الإسلام ناصع جليّ بين يديه يجيب على جميع مسائل الإنسان في الحياة ، لا إبهام فيه ولا قصور.
فقد أبان صلىاللهعليهوآلهوسلم أن نبي الله موسى عليهالسلام لو أدرك هذا الزمان ، لكان الواجب نبذ ما لديه ، والأخذ بما جاء به نبي الإسلام ، فكيف بالمسلمين يراجعون اليهود في مخاريق قديمة العهد ، لا وزن لها ولا اعتبار ، وأنها مزيج أباطيل قد يوجد في طيّها بعض الحقيقة ، مما لا يمكن الوثوق من صحتها ، ما دامت ضائعة بين الأباطيل.
وقد عقد البخاري في صحيحه بابا عنونه بقول النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : «لا تسألوا أهل الكتاب عن شيء» (١). وذكر فيه حديث معاوية عن كعب الأحبار : إن كان من أصدق هؤلاء المحدّثين الذين يحدّثون عن أهل الكتاب ، وإن كنّا مع ذلك لنبلو عليه الكذب.
قوله : «نبلو عليه الكذب» ، أي نختبره فنجد في أخباره كذبا. هذا الحديث قاله
__________________
ـ ج ١٣ ، ص ٢٨١. قال ابن حجر : رجاله موثوقون إلّا أنّ في مجالد ضعفا ... غير أنّ البخاري قال : إنّه صدوق. وقال يعقوب بن سفيان : تكلم الناس فيه وهو صدوق. قال ابن عدي : له عن الشعبي عن جابر أحاديث صالحة. قلت : وهذا الحديث من هذا الطريق الصالح. راجع : تهذيب التهذيب ، ج ١٠ ، ص ٤٠ ـ ٤١.
(١) صحيح البخاري ، ج ٩ ، ص ١٣٦. وراجع : ج ٣ ، ص ٢٣٧.