وحملها إلى فلسطين ، فكان من جملة من قدموا إلى مصر أولاد نبيّ الله يعقوب عليهالسلام إخوة يوسف ، حيث أرسلهم أبوهم لشراء الطعام وحمله إلى فلسطين ، فلمّا دخلوا مصر رآهم يوسف عليهالسلام ، وهو ابن ٤٠ سنة ، فعرفهم وهم يجهلونه ، وكانوا بأكملهم عدا بنيامين الذي هو أخو يوسف عليهالسلام لأمّه وأبيه.
وبعد أن اشتروا ما أرادوا من الطعام قال لهم يوسف عليهالسلام في سفرتكم القادمة ائتوني بأخ لكم من أبيكم ، وإن لم تأتوني به لا أبيعكم ما تبغون.
ولمّا زاروا مصر ثانية دخلوا على يوسف عليهالسلام ومعهم بنيامين ، ففرح بهم يوسف عليهالسلام ، وأمر بضيافتهم في بيته.
وبعد أن بقي إخوته عنده عدّة أيّام جهّزهم بما يريدون من طعام بدون مقابل ، ووضع طاسة شرب الماء سرّا في حمل بنيامين ، ولمّا ساروا قليلا نودي عليهم بسرقة الطاسة ، وفي الوهلة الأولى أنكروا ذلك وقالوا : من وجدتم الطاسة في حمله خذوه عبدا للملك ، وبعد أن فتشت رحالهم وجدوها في رحل بنيامين ، فأسقط ما في يد إخوة يوسف ، وحاولوا شتّى المحاولات لتبرئته وإنقاذه من يوسف عليهالسلام فلم يوفّقوا ، فعادوا إلى أبيهم وأخبروه بجريمة بنيامين ، فحزن يعقوب عليهالسلام حزنا شديدا ، واشتدّ بكاؤه حتّى عميت عيناه ، وأضيفت إلى مصيبته بيوسف عليهالسلام مصيبة بنيامين.
ولمّا كان يعقوب عليهالسلام راسخ الإيمان بالله ، أمر أولاده أن يسافروا مرّة أخرى إلى مصر لشراء الطعام والبحث عن يوسف عليهالسلام وبنيامين ، ولم ييأسوا من رحمة الله ولطفه ، فلمّا دخلوا مصر وزاروا يوسف عليهالسلام طلبوا منه إطلاق سراح بنيامين ، فعند ذاك عرّفهم بنفسه وطلب منهم أن يكفّروا ويتوبوا إلى الله عمّا فعلوه معه ، ودفع إليهم قميصه ليلقوه على وجه أبيهم فيعود بإذن الله بصيرا ، وأمرهم بأن يأتوا إليه بجميع أهلهم.
رجع إخوة يوسف عليهالسلام إلى فلسطين ، ودخلوا على أبيهم وألقوا قميص يوسف عليهالسلام على وجهه فارتدّ بصيرا ، ثمّ رجلوا إلى مصر وكانوا ثلاثة وستين شخصا ، وقيل : ثلاثة وثمانين ، وقيل : ثلاثمائة وتسعين فردا ، فدخلوا على يوسف عليهالسلام ، وسجدوا له ؛ طاعة وتعظيما لله ، وتحيّة ليوسف عليهالسلام ، وتعانقوا وتبادلوا كلمات التحيّة والودّ ، فاجتمع