مكّة واحتلّتها ، ثم غزت أرض بابل وبلاد نهاوند وآذربيجان واستولت عليها ، وبعد أن تمّ لها النصر في غزواتها عادت إلى اليمن.
وبعد أن صفا لها الجو قامت بأعمال ومشاريع عمرانية ، كترميم سدّ مأرب ، وشيّدت قصرا فخما بمأرب سمته «قصر بلقيس» وأقامت الصرح العظيم المنسوب إليها ، وكان سريرا من ذهب مكلّلا بالجواهر والأحجار الكريمة.
شكّلت مجلسا استشاريا يتكون من ٣١٢ رجلا ، وكلّ رجل منهم يشرف على عشرة آلاف رجل.
عرفت بالعفّة والنجابة ، وظلّت عذراء حتى تزوجت سليمان بن داود عليهالسلام وغيره ، وكان لها حرس من الرجال وبطانة وخادمات من النساء.
كانت هي وقومها يعبدون الشمس من دون الله ، فلما سمع سليمان عليهالسلام بخبرها أرسل إليها كتابا مع الهدهد يدعوها إلى الإيمان بالله وتوحيده ، ويخبرها بأنّه نبيّ مرسل من قبل الله تعالى إلى الناس.
فلما وصلها كتاب سليمان عليهالسلام قرأته فآمنت به وأذعنت للأمر الواقع ، وأرسلت إليه هدايا كثيرة.
وبعد مدة توجهت إلى فلسطين بصحبة حشود كثيرة من أشراف قومها وساداتهم ورؤسائهم وقادة الجيوش ، وقبل وصولها إلى بلاط سليمان عليهالسلام جمعت الحشود التي معها وخطبت فيهم قائلة : إنّ الله ابتلاكم بهذا النبي سليمان عليهالسلام ، فإن آمنتم بالله وبشريعة هذا النبي زادكم الله نعمة ، وإن كفرتم بالله وبنبيّه سلبكم النعم ، وسلّط عليكم صنوف النقم ، فأجابوها وقالوا : الأمر إليك. ثم دخلت هي وقومها على سليمان عليهالسلام بأورشليم ، فآمنت به ودخل قومها في شريعته وصدّقوه.
ولم تلبث طويلا حتى تزوّجها سليمان عليهالسلام وهي عذراء باكرة ، وكان مهرها مدينة بعلبك ، ثم ردّها إلى مملكتها في اليمن ، وبنى لها ثلاثة قصور بصنعاء وسمّاها : غمدان وسلحين وبينون.
كان سليمان عليهالسلام يحبّها حبّا شديدا ، فكان يزورها كل شهر مرّة ، فيقيم عندها ثلاثة