العذاب والإهانات.
وبعد هلاك معاوية في النصف من رجب سنة ستين للهجرة تولّى زمام أمور المسلمين وتسلّط على رقابهم ابنه يزيد ، فجلس على كرسي الخلافة ظلما وعدوانا.
كتب يزيد إلى واليه على المدينة المنوّرة الوليد بن عقبة بأن يأخذ البيعة له من الإمام الحسين عليهالسلام ، فأبى الإمام عليهالسلام مبايعة يزيد الرذيلة ، الذي غرق في مستنقعات المجون والانحراف ، وتخبّط في أوحال الفحشاء والعار.
فاضطر الإمام عليهالسلام على مغادرة المدينة إلى مكّة ليلة الأحد الثامن والعشرين من رجب سنة ستين للهجرة ، واصطحب معه أهل بيته وأبناءه وأبناء أخيه الحسن عليهالسلام وإخوته ـ عدا محمد بن الحنفية ـ وبعض بني هاشم وغيرهم من المخلصين والموالين له ، فدخلوا مكّة في الثالث من شعبان من نفس السنة.
أما أهل الكوفة لمّا بلغهم هلاك معاوية كتبوا إلى الإمام عليهالسلام كتبا كثيرة يدعونه بالمجيء إليهم ، فلما اطّلع الإمام عليهالسلام على كتبهم واستنصارهم له دعا ابن عمه مسلم بن عقيل عليهالسلام وسرّحه مع جماعة إلى الكوفة.
فلما وصل مسلم عليهالسلام إلى الكوفة لقي الترحيب والاستقبال من أهلها ، فالتفوا حوله ، فأخذ يدعو للحسين عليهالسلام وخذلان يزيد وأتباعه ، وفي يوم الثلاثاء الثامن من ذي الحجة من نفس السنة ، هرعت جماهير الكوفة إلى مبايعته ، فكتب إلى الإمام عليهالسلام يدعوه إلى التوجّه إلى الكوفة.
ولم يزل مسلم عليهالسلام يدعو للحسين عليهالسلام ويعلن تحدّيه للسلطة الأموية البغيضة حتى غدروا به ، وانقلبوا عليه ، وأرادوا إلقاء القبض عليه ، فواجههم مواجهة الأبطال الأشدّاء ، فقتل منهم مقتلة عظيمة ، وحيث لم يكن له أنصار ألقوا القبض عليه وسلّموه إلى عبيد الله بن زياد والي يزيد على الكوفة ، فأمر بقتله أشنع قتلة ، واحتز رأسه ، وبعث به إلى يزيد في الشام.
وبعد وصول كتاب مسلم عليهالسلام إلى الحسين عليهالسلام رحل إلى العراق يريد الكوفة ، فلمّا وصل الثعلبية ـ داخل الأراضي العراقية ـ علم بمقتل مسلم عليهالسلام وخيانة أهل الكوفة له ،