ومع ذلك أخذ الإمام عليهالسلام يتقدّم في أرض العراق حتّى التقى بالحرّ بن يزيد الرياحي وهو يقود حشودا كبيرة من العساكر ؛ ليمنع الإمام عليهالسلام من دخول الكوفة.
ولم يزل الحرّ يساير الإمام عليهالسلام حتى أجبره على النزول في أرض كربلاء ، وذلك في يوم الخميس الثاني من شهر محرم سنة إحدى وستّين للهجرة.
وبعد يوم من نزول الحسين عليهالسلام بكربلاء ، قدم عمر بن سعد في أربعة آلاف فارس إلى كربلاء ، فبعث رسولا إلى الإمام عليهالسلام ليستفسر عن قدومه إلى العراق ، فأجاب الإمام عليهالسلام رسول عمر قائلا : كتب إليّ أهل مصركم هذا أن أقدم ، فإذا كرهتم قدومي فأنا أنصرف عنكم.
فأخبر عمر عبيد الله بن زياد بمقالة الإمام عليهالسلام ، فكتب ابن زياد إلى عمر : أما بعد ، فقد بلغني كتابك ، فاعرض على الحسين عليهالسلام أن يبايع يزيد هو وجميع أصحابه ، فإذا فعل ذلك رأينا رأينا.
فعرض عمر بن سعد مضمون كتاب ابن زياد على الإمام عليهالسلام فامتنع عليهالسلام عن مبايعة يزيد الكفر والفجور.
فلما اطّلع ابن زياد على امتناع الإمام عليهالسلام من مبايعة يزيد أمر عمر بن سعد بأن يمنع الحسين عليهالسلام ومن معه من ماء الفرات ، ففي اليوم الثامن من شهر محرم سنة إحدى وستين للهجرة منع الإمام عليهالسلام وأهل بيته وأصحابه من ماء الفرات.
ولم يزل الإمام عليهالسلام ومن معه يعانون العطش والجوع والاضطهاد حتى جاء اليوم العاشر من المحرم ، يوم البطولة والتضحية في سبيل العقيدة ، يوم مناجزة الحق مع الباطل ، يوم مناهضة الحرّية للعبودية والاستسلام يوم مبارزة أنصار الله مع أنصار الشيطان والوثنيّة ، فجاءت ساعة الصفر في ظهيرة ذلك اليوم ، حيث استشهدت النخبة الفاضلة من أهل بيته وأنصاره ، وبعد أن بقي عليهالسلام وحيدا فريدا في ساحة المعركة أخذ يجندل أبطال الأعداء وشجعانهم ، ويشتّت شملهم ، وأخيرا تكالبوا عليه وشدّوا عليه حتى صرعوه ، ونزل إليه الخبيث الملعون شمر بن ذي الجوشن واحتزّ رأسه.
وباستشهاد الإمام عليهالسلام على يد تلك الزمرة القذرة فقدت الإنسانية بطلا من أبطالها ،