وبعد أن أحسّ داود عليهالسلام بنوايا طالوت الشريرة تجاهه اضطر أن يلجأ إلى أخيش ـ ملك جت ـ الّذي كان من ألدّ أعداء طالوت.
ولأمور يطول شرحها طرد من جت ، فرحل إلى مغارة عدلام ، وبها التقى بوالديه وإخوته وأهل بيت أبيه ، ثم انتقل إلى مصفاة موآب ، وأرسل أبويه إلى ملك موآب ليكفّهما ، وانتقل هو ومن معه إلى أرض يهوذا.
ولم يزل طالوت يلاحق داود عليهالسلام ليقتله ، وكان داود عليهالسلام يتحيّن الفرص للقضاء على طالوت ، ولكنّه لم يقدم على ذلك ؛ لوفائه وحسن أخلاقه.
فلمّا علم طالوت بنبل داود عليهالسلام وأخلاقه الفاضلة ندم على ملاحقته ؛ فتركه وشأنه ، فانتقل داود عليهالسلام إلى قرية صغلغ أو سقلاغ من قرى فلسطين وسكنها.
ولم تزل الخطوب والحوادث تتعاقب على طالوت حتى قتله الفلسطينيون ، وقتلوا ثلاثة من بنيه ، بينهم يوناثان بن طالوت الصديق الحميم لداود عليهالسلام.
ولمّا علم داود عليهالسلام بمقتل طالوت وولده يوناثان تأثّر كثيرا ، وعمل فيهما مرثية عظيمة وأقام لهما مأتما ضخما.
وبعد مقتل طالوت انتقل داود عليهالسلام إلى مدينة حبرون (الخليل) فالتف حوله الإسرائيليون ونصبوه ملكا عليهم ، وأعطوه خزائن طالوت ، وفي تلك الفترة أقام بعض الإسرائيليّين المنشقّين عن داود عليهالسلام أحد أولاد طالوت وكان يدعى ايشبوشث ملكا عليهم ، ممّا أدّى إلى نشوب الحرب بين داود عليهالسلام وبينه.
وبعد أن حكم إيشبوشث سنتين هلك ، وبعد موته اتّفقت كلمة الإسرائيليين على ملوكية داود عليهالسلام بدون منازع ، فاتّخذ من مدينة حبرون عاصمة لملكه ، وبعد سبع سنوات انتقل إلى حصن صهيون ، وسمّاه مدينة داود.
شنّ حروبا كثيرة ضد أعدائه ومناوئيه ، وكان النصر دائما حليفه ، فحارب الأقوام الساكنين على ضفاف نهر الفرات وأخضعهم لحكمه ، واستولى على دمشق عاصمة الآراميين ، وانتزع شرق الأردن من بني عمون ، فاتّسع ملكه من أيلة إلى شواطئ نهر الفرات ، وقيل : كانت مملكته تمتد ما بين الشامات إلى بلاد اصطخر.