وبعد أن منحه الله البسطة في الأرض زوّده بمزايا خاصة ، فجعله يسمع كل صوت قريب أو بعيد ، ويفقه كل شيء ، وسخّر له النور والظلمة.
أخذ يجوب أقطار العالم داعيا الناس إلى الإيمان بالله وتوحيده ، فإن أطاعوه ولبّوا دعوته تركهم وشأنهم ، وإن عصوه وخالفوه أغشاهم بالظلام ، فكانت تظلم مدنهم وقلاعهم وبيوتهم وتغشى أبصارهم ، ويستمرون على تلك الحالة حتى يؤمنوا.
عاش بعد عصر نبيّ الله نوح عليهالسلام ، وعاصر إبراهيم الخليل عليهالسلام ، فاستقبله الخليل عليهالسلام وصافحه ، فكانا أوّل متصافحين على سطح الأرض ، وقيل : كان موجودا قبل الخليل عليهالسلام ، ويقال : إنه صحب الخضر عليهالسلام.
في أيام ابتلي الناس بقومي يأجوج ومأجوج ـ الّذين اتصفوا بصفات خاصّة تفردهم عن سائر الناس ، وكانوا يفسدون في الأرض ويبيدون كل شيء لهمجيتهم وخباثة فطرتهم ـ استغاث الناس به واستنصروه ليخلّصهم منهم ، فاستجاب لهم ، وأمر ببناء سدّ ضخم أمام جحافلهم وحشودهم ، فحبسهم في بلادهم ، ومنعهم من الزحف والنفوذ إلى سائر الأقطار والأمصار ، فتخلّص الناس من شرورهم.
اختلف المؤرخون في مكان السد ، فقيل : كان وراء بحر الروم بين جبلين هناك يلي مؤخرهما البحر المحيط ، وقيل : كان وراء دربند وخزر من ناحية بلاد أرمينية وآذربيجان ، وقيل : كان في جبال القوقاز.
ذكرت أسباب لتسميته بذي القرنين منها :
بلوغه غرب الأرض وشرقها.
بلوغه قرني الشمس ، مغربها ومشرقها.
كان على رأسه ما يشبه القرنين.
كان يلبس تاجا له قرنان.
طاف قرني الدنيا ، شرقها وغربها.
دعا قومه إلى الله فضربوه على قرن رأسه الأيمن فأماته الله خمسمائة عام ، ثم بعثه الله إليهم بعد ذلك ، فضربوه على قرنه الأيسر فأماته الله خمسمائة عام أخرى ، ثمّ