فخافت منه واستعاذت من رؤيته ، فطمأنها وقال : أنا جبرئيل ، أرسلني الله إليك لأهب لك غلاما زكيّا ، فنفخ في جيبها ، فحملت بقدرة الله عزوجل بعيسى عليهالسلام ، واختلف العلماء في مدّة حملها به ، فمنهم من قال : إنّ مدّة حملها كان ستّة أشهر ، وقيل : سبعة أشهر ، وقيل : ثمانية أشهر وقيل : ساعة واحدة ، وقيل : كما حملته ولدته في بيت لحم بالقرب من بيت المقدس بفلسطين ، وقيل : ولدته في دمشق.
وبعد أن وضعته أتت به إلى قومها فقابلوها بالازدراء ، واتّهموها بإتيان الفاحشة ، فدافع عيسى عليهالسلام وهو رضيع في المهد عن طهارة أمّه وبراءتها من الفاحشة والفجور ، وسيأتي تفصيل ذلك في ترجمة حياة مريم عليهاالسلام.
وبعد أن بلغ ثمانية أيّام ختنوه وسمّوه عيسى أو يسوع أو يشوع. لمّا كان هيرودس ملك اليهود قد أصدر أمرا بقتل الأطفال في بيت لحم ؛ خوفا من طفل سينشأ ويقضي عليه وعلى مملكته ، وللحفاظ على عيسى عليهالسلام من فتك الملك قام يوسف بن يعقوب النّجار ، ـ وهو من أقارب مريم عليهاالسلام ـ بنقلها ورضيعها من بيت لحم ، وذهب بهما إلى مصر ، وأسكنهما في مدينة عين شمس.
ولم يزل عيسى عليهالسلام وأمّه في عين شمس إلى أن هلك الملك ، فعاد إلى فلسطين ، وعمر عيسى يومئذ ٧ سنوات ، وقيل : ١٢ سنة.
قضى أيّام صباه في أورشليم ، ولمّا كان الله عزّ اسمه قد منحه العلم والمعرفة في شئون الدين والدنيا أخذ يجالس العلماء ويناقشهم ويحاجّهم.
وبعد أن قضى فترة من عمره في أورشليم انتقل مع أمّه إلى مدينة الناصرة ، وقضى بها أيّام شبابه.
ولمّا بلغ الثلاثين من عمره ، ومنهم من قال : لمّا بلغ السابعة من عمره بعثه الله إلى بني إسرائيل بشريعة خاصّة به ؛ ليخلّصهم من الانحراف والتشتّت والظلم والفساد الذي ساد بينهم وينهاهم عمّا قاموا به من تحريف شريعة موسى بن عمران عليهالسلام ، وتبديل كلام الله الذي جاء به في التوراة حسب أهوائهم ومصالحهم الدنيويّة.
اختلف المؤرّخون في المكان الذي بعث فيه للنبوّة ، فمنهم من قال : في الجليل ،