وآخرون قالوا : في كفرنا حوم ، وفريق قالوا : في بيت المقدس ، وكلّها في فلسطين ، وقيل : استلم الإنجيل من جبرئيل عليهالسلام على جبل الزيتون بفلسطين ، ثمّ انتقل إلى أورشليم وسكنها ، واشتغل بها في تبليغ رسالته.
وبعد الإعلان عن رسالته ونبوّته بادر جماعة إلى الإيمان به وتصديقه والتعلّم عليه ، وكان في مقدّمتهم الحواريّون الاثنا عشر وهم : سمعان المعروف ببطرس الصيّاد ، واندراوس أخو سمعان ، ويعقوب بن زبدي ، ويوحنّا بن زبدي ، وفيلبس ، وبرتوطاوس ، وتوما ، ومتّى العشّار ، ويعقوب بن حلفي ، ولباوس ، وسمعان القانوني الغيور ، ويهوذا الأسخريوطي ، ويضيف بعضهم إليهم الحواري برنابا.
صدّ عنه الكثيرون ونفروا منه ، وكذّبوه واتّهموه بالسحر.
ولنشر دعوته ودينه بين صفوف اليهود قام بإرسال الحواريّين إلى القرى والأرياف اليهوديّة للتبشير إلى دينه ورسالته.
منحه الله القدرة على إنجاز أعمال يعجز غيره من الناس القيام بها ، فكان يخلق من الطين كهيئة الطير ، ثمّ ينفخ فيه فيكون طيرا بإذن الله ، وكان يبرئ الأكمه والأبرص ، ويحيى الموتى ، ويخبر الناس بما يأكلون ويدّخرون في بيوتهم.
كان عليهالسلام يسيح في الأرض ، ليس له منزل ومأوى ، وليس له قرار ولا موضع يعرف به ، وكان في صلاته يستقبل صخرة بيت المقدس. أنزل الله عليه الإنجيل ، وهو يتضمّن مجريات حياته وأعماله ومواعظه ومعاجزه والخوارق التي أجراها الله تعالى على يده ، فكانت مسطّرة على صورة قصص تحثّ الناس على عبادة الله وحده ، وإطاعة أوامره ، والتجنّب عن نواهيه ، وتشجيعهم على التمسّك بالأخلاق الفاضلة ، والابتعاد عن مساوئ الأخلاق ؛ لإيصالهم إلى مراحل الكمال والسؤدد.
أنزل الله الإنجيل على قلبه ، فكان بدوره يلقيه على تلاميذه وحواريّيه.
ولا يغيب عن البال بأنّ الإنجيل لم يكتب ويدوّن في زمانه ، بل كتبه من بعده تلاميذه وتلاميذ تلاميذه ممّا حفظوه عنه ، فبلغت الأناجيل التي كتبت أكثر من مائة ، ومن أشهرها : إنجيل متّى ، وإنجيل مرقس ، وإنجيل يوحنّا ، وإنجيل لوقا ، وإنجيل برنابا ،