القوم قوم كذّبوا نبيّهم ، وكذّبوا رسالة ربّهم ، ثمّ خيّره بين المجيء معه أو البقاء في فلسطين ، ففضّل أرميا عليهالسلام البقاء في بلاده ، فتركه بعد أن أحسن إليه.
وبعد رحيل نبوخذنصّر عن بيت المقدس اجتمع إلى المترجم له من بقي من ضعفاء بني إسرائيل فقالوا : نحن قد أسأنا وظلمنا ، ونحن نتوب إلى الله ممّا صنعنا ، فادع الله أن يقبل توبتنا ، فدعا أرميا عليهالسلام ربّه ، فأوحى الله إليه أنّه غير قابل توبتهم ، فإن كانوا صادقين في أقوالهم فليقيموا معك في بيت المقدس ، فأخبر قومه بما أمره الله به ، فقالوا : لا نقم بهذه البلدة المخرّبة التي غضب الله على أهلها.
أمر الله المترجم له بأن يأتي إلى مكّة ويخرج منها معد بن عدنان لكيلا تصيبه النقمة ، فأخرجه وهو شابّ ، وأتى به إلى حرّان ، فلمّا انصرف نبوخذنصّر عن العرب ردّه إلى مكّة المكرّمة.
وكان قد تنبّأ لبني إسرائيل بسقوط أورشليم وخرابها وتدمير هيكل سليمان عليهالسلام ، فدعاهم للخضوع والإذعان لنبوخذنصّر فكذّبوه واضطهدوه.
ويقال : إنّه خاف في أوّل الأمر من نبوخذنصّر عند ما هجم على بيت المقدس ، فأخذ تابوت السكينة وخبّأه في مغارة ؛ خوفا من أن يقضي عليه نبوخذنصّر وجنوده.
عاصر من ملوك بني إسرائيل كلّا من يوشيا ، ويواحاز ، ويهوياقيم ، وصدقيا ، وعاصر الملك الفارسيّ لهراسب.
كان أكثر الناس تصديقا له وإخلاصا إليه تلميذه اليمنيّ باروخ بن نريا الكاتب ، وتتلمذ عليه زرادشت ، ثمّ قام زرادشت بعمل أغضب فيه المترجم له ، فدعا عليه فبرص ، فعند ذاك فارق أستاذه واخترع دين المجوسيّة أو الديانة الزرادشتيّة.
ويقال : إنّ أرميا عليهالسلام انتقل إلى مصر فألقى اليهود القبض عليه وسجنوه في بئر ، ثمّ أخرجوه ورجموه حتّى استشهد ، فدفنوه في مصر ، وفي عهد الإسكندر نقل تابوته إلى الإسكندريّة ودفنوه بها ، ويقال : إنّه رجع من مصر إلى بيت المقدس وعاش فيها ٣٠٠ سنة ثمّ توفّي.
ينسب إليه سفر يدعى «سفر أرميا» وله رسالة مطوّلة ضدّ عبادة الأوثان في بابل ، وينسب