أغدق عليه تلك النعم الوافرة ، فكان لا يصغو لنصائحهم وإرشاداتهم ، بل يزداد عتوّا وتجبّرا.
كان عالما بصناعة الكيمياء ، وهي تحويل المعادن الرخيصة إلى معادن ثمينة كالذهب والفضّة.
كان في أوّل أمره من المؤمنين بشريعة موسى عليهالسلام ، وأقرأ بني إسرائيل للتوراة ، وكان يدعى بالمنوّر لحسن صورته ، وأخيرا ساءت عاقبته ، ونافق على موسى عليهالسلام وبغى ، وأصبح من ألدّ أعداء موسى عليهالسلام ، فأخذ يقاومه ويتآمر عليه.
أصبح من وزراء ومشاوري فرعون ، ثمّ ولّاه على بني إسرائيل فكان يظلمهم ويؤذيهم.
فلمّا أمر الله موسى عليهالسلام بأن يأمر قومه بالذهاب إلى فلسطين لقتال الجبابرة ، وامتنعوا عن إطاعة موسى عليهالسلام ، كان المترجم له من جملة الممتنعين عن ذلك ، فعاقبهم الله بالتيه أربعين عاما ، وجعلهم يهيمون فيه بدون جدوى ، ولمّا تابوا وتضرّعوا إلى الله بأن يتوب عليهم كان قارون من جملة الذين لم يتوبوا ، بل أصرّوا على عنادهم ، وأخذ يستهزئ بموسى عليهالسلام ، ويلقي عليه الرماد المخلوط بالماء نكاية به ، فغضب موسى عليهالسلام ودعا الله عليه ، فاستجاب الله دعاءه فبلعته الأرض وما يملك من القصور والأموال والخزائن والحشم والخدم.
ويقال في سبب نزول البلاء عليه : هو أنّ موسى عليهالسلام طلب منه الزكاة فامتنع عن ذلك ، ودبّر مؤامرة للانتقاص من موسى عليهالسلام وتشويه سمعته عند الناس ، فاتّفق مع امرأة بأن تقول : إنّ موسى عليهالسلام زنى بها ، وبعد جدل طويل اعترفت المرأة بأن قارون أغراها ولقّنها بأن تتهمه بذلك وهو بريء منها ، فدعا الله موسى عليهالسلام عليه فخسف الله به وبحاشيته وما يملك ، وقيل : انشقّت الأرض به وبممتلكاته كلّها ثمّ انطبقت عليه ، وذلك في وادي التيه.
وينقل عن بعض زهوه وخيلائه بأنّه كان يزيد في طول ثيابه شبرا ترفّعا وتكبّرا على من سواه من قومه.