روي عن عبد الرحمن بن غنم الأزديّ أنّه قال : سمعت معاذا ـ حين احتضر وليس معه في البيت غيري ـ يقول : ويل لي ، ويل لي ، فقلت له : ممّ؟ قال : من موالاتي عتيقا وعمر على خليفة رسول الله صلىاللهعليهوآله ووصيّه عليّ بن أبي طالب عليهالسلام ، فقلت : إنّك لتهجر فقال : يا بن غنم! هذا رسول الله صلىاللهعليهوآله وعليّ بن أبي طالب عليهالسلام يقولان : أبشر بالنار وأصحابك ، أفليس قلتم إن مات رسول الله صلىاللهعليهوآله زوينا الخلافة عن عليّ بن أبي طالب عليهالسلام ، فلن تصل إليه؟ ثمّ قال معاذ : فاجتمعت أنا وأبو بكر وعمرو أبو عبيدة وسالم مولى حذيفة ، فقلت : متى يا معاذ؟ قال : في حجّة الوداع ، قلنا : نتظاهر على عليّ عليهالسلام ، فلا ينال الخلافة ما حيينا ، فلمّا قبض رسول الله صلىاللهعليهوآله قلت لهم : أكفيكم قومي الأنصار واكفوني قريشا ، ثمّ قلت : يا معاذ! إنّك لتهجر ، فألصق خدّه إلى الأرض ، فما زال يدعو بالويل والثبور حتّى مات.
روى عن النبيّ صلىاللهعليهوآله أحاديث ، وروى عنه جماعة.
القرآن العظيم ومعاذ بن جبل
كان اليهود يستفتحون على الأوس والخزرج برسول الله صلىاللهعليهوآله قبل مبعثه ، فلمّا بعثه الله كفروا به وجحدوا ما كانوا يقولون فيه ، فقال لهم معاذ وبشر بن البراء : يا معشر اليهود! اتّقوا الله وأسلموا ، فقد كنتم تستفتحون علينا بمحمّد صلىاللهعليهوآله ونحن أهل شرك ، وتخبروننا أنّه مبعوث وتصفونه لنا بصفته ، فقال رجل من بني النضير : ما جاءنا بشيء نعرفه ، وما هو بالذي كنا نذكره لكم ، فأنزل الله جوابا لليهود الآية ٨٩ من سورة البقرة : (وَلَمَّا جاءَهُمْ كِتابٌ مِنْ عِنْدِ اللهِ مُصَدِّقٌ لِما مَعَهُمْ وَكانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جاءَهُمْ ما عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ ....)
في أحد الأيّام سأل معاذ وآخرون معه نفرا من أحبار اليهود عن بعض ما في التوراة ، فكتموهم إيّاه وأبوا أن يخبروهم عنه ، فنزلت الآية ١٥٩ من نفس السورة : (إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أَنْزَلْنا مِنَ الْبَيِّناتِ وَالْهُدى ....)
سأل المترجم له وثعلبة بن غنم النبيّ صلىاللهعليهوآله : ما بال الهلال يبدو دقيقا مثل الخيط ثمّ