مدين ، وبعد أن ارتوى من مائها صادف امرأتين تستقيان الماء ، فسهّل أمر سقايتهما لماشيتهما.
وعند رجوع المرأتين إلى أبيهما أخبرتاه بمعروف موسى ، وكان أبوهما هو نبيّ الله شعيبا عليهالسلام ، وقيل : كان ابن أخي شعيبا عليهالسلام ، وكان يدعى يثرون أو يثرى الكاهن ، وقيل : كان رجلا مؤمنا من قوم شعيب عليهالسلام.
ولمّا علم شعيب عليهالسلام بمعروف موسى عليهالسلام مع ابنتيه طلب من إحداهما أن تدعوه إلى بيته ، فلبّى موسى عليهالسلام الطلب وجاء إلى بيت شعيب عليهالسلام ، فرحّب به وأحسن ضيافته ، ثمّ سأله عن أمره ، فأخبره عن ظلم فرعون لبني إسرائيل وإقدامه على قتله بالذات ، فهرب من مصر إلى أن ورد مدين ، فلمّا سمع شعيب عليهالسلام مقالته طمأنه وآمنه.
وبعد أن بقي عند شعيب عليهالسلام مدّة استخدمه لرعي غنمه لمدّة ثماني سنوات مقابل تزويجه بإحدى بناته ، فقبل موسى عليهالسلام بذلك ، وتزوّج من ابنته التي كانت تدعى صفورا ، فصار صهرا وراعيا لغنمه ، وأنجب منها ولدين هما : جرشون وعازر.
وبعد أن مكث موسى عليهالسلام عند شعيب عشر سنوات ، ففي إحدى ليالي الشتاء بينما هو وزوجته يرعيان الغنم ضلّا الطريق ، وأخذا يسيران هنا وهناك حتّى دخلا وادي طوى ـ موضع بالشام ـ ومنه دخلا سيناء ، ثمّ دخلا مصر ليلا ، فتضيّف على أمّه في بيتها وهو لا يعرفها ، فلمّا أبصر به أخوه هارون سأله عن نفسه ، فلمّا أخبره عن اسمه تعارفا وتعانقا.
ثمّ بعث الله موسى عليهالسلام للنبوّة في الوادي المقدّس طوى وعمره أربعون عاما ، وأمره الله بأن يتّخذ من أخيه هارون شريكا له في رسالته ، ثمّ جاء الوحي بأن يذهب وهارون إلى فرعون مصر آمون ـ وقيل : أحشويرس ، وقيل : رعمسيس الثاني ، وقيل : الوليد بن مصعب ـ ويدعوانه إلى الإيمان بالله وتوحيده ، وكان قبطيّا كافرا بالله ، جبّارا شقيّا ، ادّعى الألوهيّة وأرغم الناس على إطاعته وعبادته ، فجاءا إليه وطلبا منه الإيمان بالله وحده ، والامتثال لشريعة موسى عليهالسلام ، وإطلاق سراح الإسرائيليّين الذين كانوا يرزحون في سجونه.