وصل موسى عليهالسلام وقومه ومن آمن به من الأقباط فرحين مستبشرين إلى أرض فلسطين.
وبعد غرق وهلاك فرعون وجنوده أرسل موسى عليهالسلام كلّا من يوشع بن نون وكالب بن يوحنّا على رأس جيشين عظيمين إلى مدائن فرعون في مصر ، والتي خلت من أهلها ولم يبق فيها إلّا النساء والأطفال والشيوخ والمرضى ، فغنموا ما كان فيها من أموال وكنوز ، وحملوها إلى موسى بفلسطين.
ثمّ أوحى الله إلى موسى عليهالسلام بأن يصعد جبلا في الشام يدعى جبل الطور ، وقيل : جبل حوريب ، وقيل : جبل طور سيناء ، وقيل : جبل طور سينين ، ويبقى فيه ثلاثين ليلة ، ويستخلف أخاه هارون على بني إسرائيل ليدير أمورهم.
وبعد أن مكث ثلاثين ليلة أمره الله أن يتمّها بعشر ليال أخر ، وبعد أن أتمّها أرسل الله إليه أسفار التوراة ، وقد بلغت عشرة أسفار وقيل : سفرين ، وكانت تحوي مفاهيم وأسسا وأحكاما ومواعظ تهمّ بني إسرائيل وتسعدهم.
وفي فترة غيابه عن بني إسرائيل انتهز رجل دجّال يدعى موسى ، وقيل : ميخا السامريّ غيبته وعمل مجسّمة لعجل ذهبيّ على هيئة العجول التي كانت تعبد في مصر ، له صوت كصوت العجول ، وادّعى أنّه إله موسى عليهالسلام ، وطلب من الإسرائيليّين عبادته ، ولبلادتهم وحماقتهم اتّخذوه إلها وعبدوه ، فلمّا علم بهم هارون أسرع إليهم ونهاهم عن عبادته ، ولكنّهم عاندوه وشاكسوه وأصرّوا على عبادة ذلك العجل الذهبيّ.
ولمّا عاد موسى عليهالسلام من الجبل وعلم بأمر السامريّ وعجله تقدّم باللوم اللاذع إلى أخيه هارون ، وإلى قومه الذين أغراهم السامريّ ، فوبّخهم أشدّ توبيخ ، ثمّ وبّخ السامريّ وعاتبه عتابا شديدا وهدّده ، وأمر بحرق العجل وإلقائه في البحر.
ثمّ طلب موسى عليهالسلام من قومه الذين عبدوا العجل ، وكانوا سبعين ألفا أن يتوبوا إلى الله من كفرهم وشركهم به ، وأوحى الله إلى موسى عليهالسلام بأنّ توبة قومه لا تتمّ إلّا بأن يقتل بعضهم بعضا ، وبعد أن اقتتلوا فيما بينهم وبلغ عدد القتلى عشرة آلاف قتيل