السافل من العالي المستعلي عليه ، وتوبيخه (١) بمثل : إنك لم تأمره ، إنما هو على استعلائه لا على أمره حقيقة بعد استعلائه ، وإنما يكون إطلاق الأمر على طلبه بحسب ما هو قضية استعلائه (٢) ، وكيف كان (٣) ؛ ففي صحة سلب الأمر عن طلب السافل ، ولو كان مستعليا كفاية.
______________________________________________________
قوله : «وتقبيح الطالب السافل من العالي ...» إلخ إشارة إلى دليل القول بكفاية الاستعلاء في صدق الأمر بتقريب : أن العقلاء يقبحون السافل المستعلي الذي يأمر العالي ، ويذمونه بأنك لم تأمر العالي؟ فإطلاقهم الأمر على طلب السافل المستعلي يدل على كفاية استعلاء الطالب في صدق الأمر ، وعدم اعتبار العلو الواقعي فيه.
(١) قوله : «وتوبيخه» عطف على «تقبيح» ، فيكون من تتمة الاستدلال على كفاية الاستعلاء في صدق الأمر.
وحاصل الجواب كما مر : أن التقبيح إنما هو على استعلاء السافل على العالي ؛ لا على أمره حتى يقال : إن الذّم على هذا الأمر كاشف عن كفاية مجرد الاستعلاء في صدق الأمر ، فالتوبيخ ليس دليلا على كفاية الاستعلاء فقط في صدق الأمر ، وإطلاق الأمر على طلبه في مقام توبيخه ـ بأنك لم تأمره؟ ـ إنما هو بحسب مقتضى استعلائه ، فيكون إطلاق الأمر على طلب المستعلي السافل مجازا في الكلمة أو في الإسناد ، والعلاقة المصححة للتجوز هي علاقة المشابهة ، لأن كلا من طلب العالي الواقعي وطلب السافل الواقعي طلب للفعل من المخاطب.
(٢) أي : استعلاء السافل وزعمه بكون طلبه أمرا ، فليس إطلاق الأمر على طلبه على نحو الحقيقة ، بل على نحو المجاز كما عرفت.
(٣) أي : سواء كان التقبيح والتوبيخ على الأمر أم على استعلائه ؛ لا يكون برهانا ودليلا على كفاية الاستعلاء في الأمر ضرورة : وجود علامة المجاز وهي صحة السلب فيه ؛ وذلك لصحة سلب الأمر عن طلب السافل ولو كان مستعليا ؛ ومع هذه العلامة لا يصح الاستدلال على كفاية الاستعلاء في صدق الأمر على طلب السافل بمجرد إطلاق الأمر عليه ، مع إن الاستعمال أعم من الحقيقة.
خلاصة البحث مع رأي المصنف «قدسسره»
١ ـ اعتبار العلو في معنى الأمر هذا هو مختار المصنف «قدسسره» ، واستدل عليه بظهور ذلك عرفا.