في أن الإتيان بالمأمور به يجزي عقلا عن إتيانه (١) ثانيا أداء أو قضاء ، أو لا يجزي (٢) ، فلا علقة بين المسألة والمسألتين أصلا.
إذا عرفت هذه الأمور (٣) ، فتحقيق المقام يستدعي البحث والكلام في موضعين :
الأول :
أن الإتيان بالمأمور به بالأمر الواقعي ـ بل بالأمر الاضطراري أو الظاهري أيضا ـ يجزي عن التعبد به ثانيا ؛ لاستقلال العقل (٥) بأنه لا مجال مع موافقة الأمر بإتيان
______________________________________________________
(١) أي : عن إتيان المأمور به ثانيا «أداء» في الوقت ، «أو قضاء» في خارج الوقت.
(٢) أي : فيجب الإتيان بالمأمور به ثانيا أداء أو قضاء.
وكيف كان ؛ فقد تختلف مسألة الإجزاء عن مسألة تبعية القضاء للأداء موضوعا وجهة ـ على ما في «المحاضرات» ـ
أما الأول : فلأن الموضوع في هذه المسألة هو الإتيان بالمأمور به ، وأنه يجزي عن الواقع أم لا ، والموضوع في تلك المسألة هو : عدم الإتيان بالمأمور به في الوقت. ومن الطبيعي إنه لا جامع بين الوجود والعدم ، وعليه : فلا ربط بين المسألتين في الموضوع أصلا.
وأما الثاني : فلأن الجهة المبحوث عنها في هذه المسألة إنما هي وجود الملازمة بين الإتيان بالمأمور به وإجزائه عن الواقع عقلا ، وعدم وجودها ، والجهة المبحوث عنها في تلك المسألة إنما هي دلالة الأمر من جهة الإطلاق على تعدد المطلوب ، وعدم دلالته عليه ، فإذن : لا ارتباط بينهما لا في الموضوع ولا في الجهة المبحوث عنها.
(٣) أي : الأمور الأربعة التي ينبغي تقديمها على البحث.
(٤) حاصل ما أفاده المصنف «قدسسره» في الموضع الأول هو : أن الإتيان بالمأمور به مجز عن أمره سواء كان أمره واقعيا أم ظاهريا ، وأما كونه مجزيا عن أمر آخر ؛ كأن يكون الإتيان بالمأمور به بالأمر الاضطراري أو الظاهري مجزيا عن الأمر الواقعي ومسقطا له فسيأتي البحث فيه في الموضع الثاني فانتظر.
فالمبحوث عنه في الموضع الأول هو : كون الإتيان بالمأمور به مجزيا عن أمر نفسه ؛ لا أمر آخر.
(٥) قوله : «لاستقلال العقل» دليل على إجزاء كل واحد من المأمور به الواقعي والاضطراري والظاهري عن أمر نفسه.