هذا كله فيما يمكن أن يقع عليه الاضطرار من الأنحاء ، وأما ما وقع عليه فظاهر إطلاق دليله مثل قوله تعالى : (فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً) ، وقوله : «عليهالسلام» : «التراب أحد الطهورين» (*) و «يكفيك عشر سنين» (**) هو الإجزاء ، وعدم وجوب الإعادة أو القضاء ، ولا بد في إيجاب الإتيان به ثانيا من دلالة دليل بالخصوص (١).
وبالجملة : فالمتّبع هو الإطلاق لو كان ، وإلّا فالأصل وهو يقتضي البراءة من
______________________________________________________
وحاصل الكلام في المقام : أن ظاهر قوله تعالى في سورة النساء : ٤٣ ـ المائدة : ٦ ، وظاهر قول المعصوم : «التراب أحد الطهورين ...» إلخ ـ في الوسائل ، كتاب الطهارة الباب الثالث عشر من أبواب التيمم ـ هو الإجزاء ، وعدم وجوب الإعادة أو القضاء.
والمراد من الإطلاق هنا : هو الإطلاق المقامي لا اللفظي ؛ بمعنى : أن المولى إذا كان في مقام بيان وظيفة المضطر ـ أعني : فاقد الماء ـ وحكم بالتيمم بدل الوضوء ، ولم يحكم بالإعادة أو القضاء بعد رفع الاضطرار في الوقت أو في خارجه ؛ علم من ذلك إجزاء الأمر الاضطراري عن الأمر الواقعي وكفايته عنه ، وعدم وجوب الإعادة أو القضاء بعد رفع الاضطرار ، إذ لو كان واجبا على المكلف أحدهما لبيّن المولى وحكم به قطعا ؛ بعد فرض كونه في مقام البيان لتمام ما له دخل في حصول الغرض الذي يترتب على العمل الاختياري.
هذا إذا كان هناك إطلاق مقامي للدليل الاضطراري ، وأما إذا كان المولى في مقام الإجمال والإهمال أي : في مقام تشريع أصل الاضطراري في الجملة ، ولم يكن في مقام تمام وظيفة المضطر ، فالمرجع حينئذ هو الأصل العملي وهو : أصالة البراءة ، لأن الشك حينئذ في أصل التكليف بعد رفع الاضطرار في الوقت أو خارجه ، فيكون الشك في الأول في أصل وجوب الإعادة ، وفي الثاني : في أصل وجوب القضاء وهو مجرى البراءة ، فيقوم البدل وهو التيمم مقام المبدل منه وهو «الوضوء» ؛ بلحاظ جميع الآثار والخواص ، فلا بدّ من أن يفي البدل بما يفي به المبدل منه من المصلحة.
(١) أي : غير دليل المأمور به الواقعي الأولي الذي هو المبدل.
__________________
(*) في الكافي ، ج ٣ ، ص ٦٣ ، ح ٤ / التهذيب ، ج ١ ، ص ٥٢ ، ح ٥٤ / الفقيه ، ج ١ ، ص ١٠٥ ، ح ٢١٤ / الوسائل ، ج ٣ ، باب ٢١ ، ح ٣٨١ : «التيمم أحد الطهورين».
(**) في التهذيب ، ج ١ ، ص ٩٤ ، ح ٣٥ / الوسائل ، ج ٣ ، باب ١٤ ، ص ٣٦٩ / عوالي اللآلي ، ج ٣ ، ص ٤٧ ، ح ٣٤ : «يا أبا ذر : يكفيك الصعيد عشر سنين».